هذيان رجل "دخون" بقلم عبد الرحيم ناصف المغرب


يمشي و هو يدخن.
يجلس و هو يدخن.
يكتب،يدخن،يتحشش.
يتيه في خطاه بين الأرصفة و هو يدخن،يتحشش،يسكر،قد يعربد،قد يقتفي طيف رؤاه و هو يدخن،يتحشش،يسكر،يعربد،يتيه،يرقص.
......................................................
تحترق بين أصبعيه،على شواربه ،في شفتيه.
ليس دخانا ما يتبخر..
قبل أن يتوحدا،الدخان و الفراغ ،يرى الأسماء في أوج أصلها قبل البدء.
يرى الأسماء تساقطت في الطريق..ليست وحدها،الرفاق،الآخرون..
يرى أرصفة تلوح بمناديلها،محطات تعبر أحذيته بالفراغ.
يرى الأسماء في أصلها تتساقط...
ويتبخر كل شيء كما تتبخر سيجارته في الدخان.
تلك السيجارة بين أصبعيه...تحترق و تتبخر.
تغريه اللعبة..
يعيد الكرة من جديد.
.........................................................
في كل المحطات كانت هنا،كما أشياءه الأخرى
كما ذاكرته المشروخة بعدم النسيان،
كما الميتم الذي صاره القلب،
كما الشوارع التي تخترق أشلاءه.
في الغرف العابرة و المقيمة،
في الحانات الفاخر و الرديئة..
في خيباته اللاتحصى و لا تعد،
في حروبه الخاسرة..
"هل أيضا كانت هنا ،كما اشياءه الأخرى،تسكن
الصرخة الأولى؟
...........................................
"ثم في أوج الثمالة حاول تذكر نفسه بلا أشيائه..فلم يكن.
خارجه،لا يكون
لا يكون بلا حذاءه الذي صار أسطورة،
بلا حشيش،
بلا قهوة سوداء،
بلا سيجارة تحترق كيما لا يحترق هو..
بلا أشيائه لا يكون..
هكذا تبدو له الأمور واضحة،بلا ضباب..
..................................................................
"كل شيء الى تبخر"
هي بكل بساطة حكمة الوجود حين تخترقه..
تقولها سيجارته بورقها،بتبغها،بشفتيه،بالاحتراق..
حكمة البلاغة تخترقه..
"هل من شاعر يزايد؟"
.........................................................
وحدها كانت تفهم نبرات كلماته و تلبسها معانيها..المعاني التي لا تبوح بها..
المعاني التي تخاف أن تكشفه..تخاف أن تكتبه.
وحدها،السيجارة حين يلتصق عقبها بشفتيه،تمتلك أسرار المعنى.
................................................................
يدخنها و هي مفردة،
يدخنها وهي محشوة بالحشيش،
يدخنها و هو يشرب القهوة
............................الشاي
............................البيرة
............................النبيذ
و هو يدخنها،كان أيضا ....يشربها
"و له فيها مآرب أخرى"
.......................................................
"دخانها يتصاعد.هو يتذكر الذين كانوا في سماءه،يحاولون الصعود..
الدخان يصعد وحيدا،بلا سلالم تقوده..و هم كانوا في حاجة لأحتراق الآخرين..
الدخان يتصاعد وحيدا.
هم صعدوا محمولين،ثم
تساقطوا...الدخان وحده لا يسقط..
........................................................
هذيان رجل "دخون" بقلم عبد الرحيم ناصف المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 15 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.