أَمْلَى لَهُ النَّأْيُ حَتَّى لَمْ يَذَرْ أَثَرَا بقلم مبروك السيّاري تونس




أَمْلَى لَهُ النَّأْيُ حَتَّى لَمْ يَذَرْ أَثَرَا
إِلَّا الْتِفَاتَةَ بُرْدٍ أَوْمَأَتْ لِأَرَى
فَكُنْتُ أَقْفُو عَلَى الأَشْوَاكِ هِجْرَتَهُ
وَ كَانَ يَجْرِي مِنَ الإِيطَاءِ دَمْعُ ثَرَى
شَدَّ الفُؤَادَ فَأَلْقَى طِينَ صَاحِبِهِ
شَطْرَ الجُنُونِ وَ عَيْنُ اللَّائِمِينَ تَرَى
تَجَشَّمَ البَحْرَ لَا أُنْثَى تُشَيِّعُهُ
مَا شَيَّعَتْهُ سِوَى الرِّيحِ الّتي ابْتَدَرَا
مَسَافَتَانِ تَبَارِيحِي وَ نَشْوَتُهُ
كِلَاهُمَا بُعْدُهُ لَوْ أَنَّهُ اخْتَصَرَا
قَالَ ارْكَبِ البَحْرَ إِنَّ الوَجْدَ بَاذِلُهُ
أَقَلُّ أَطْوَارِهِ أَنْ يَرْكَبَ الخَطَرَا
قُلْتُ انْصَرَفْتُ عَنِ الأَخْطَارِ إِذْ غَلَبَ ال
تَّيَّارُ لَكِنَّ شَوْقًا عَاتِيًا أَمَرَا
مُغَاضِبًا جِئْتُ لَمْ أَتْرُكْ لِنَافِذَتِي
غَيْرَ التَّلَفُّتِ تَرْثِي عَيْنُهُ النَّظَرَا
كَأَنَّ ذَا النُّون لَا شُطْآنَ تَذْكُرُهُ
وَ حُوتُهُ الْتَقَمَ الأَحْلَامَ وَاسْتَتَرَا
نَادَيْتُ فِي ظُلُمَاتِ البَحْرِ مُدَّ يَدَا
فَالبَحْرُ أَشْرَكَ بِالأَفْلَاكِ أَوْ سَكِرَا
نَادَيْتُ مُدَّ يَدًا تَحْنُو وَ كَانَ فَمِي
طِفْلًا فَأَوْقَدَ مِنْ لَثْغَاتِهِ قَمَرَا
وَ ضَاءَتِ اللُّجَّةُ العَذْرَاءُ حِينَ مَشَى
عَلَى رُبَى المَاءِ شَيْخٌ أَنْفَقَ العُمُرَا
يَشْتَقُّ مِنْ صُوَرِ النَّهْرِ السَّلَامَ وَ إِذْ
تَجُوعُ، مِنْ مُقْلَتَيْهِ يُطْعِمُ الصُّوَرَا
تَصْحُو فَرَاشَاتُ ضَوْءٍ مِنْ أَصَابِعِهِ
تَغْفُو عَلَى جَفْنِهِ الدُّنْيَا وَ قَدْ سَهِرَا
يُسَبِّحُ الشِّيحُ وَالنَّعْنَاعُ فِي دَمِهِ
وَ يَنْحَنِي الظِّلُّ مَأْخُوذًا مَتَى ذُكِرَا
بِالحُبِّ يَمْشِي وَفِي مَهْمُوسِ خُطْوَتِهِ
تَتْلُو الخَرَائِطُ مِنْ إِنْجِيلِهِ سُوَرَا
وَ كُلَّمَا صَدَّهُ الخِلَّانُ زَادَ نَقَا
كَكَوْكَبٍ صَفَعَتْهُ الرِّيحُ فَانْتَشَرَا

أَمْلَى لَهُ النَّأْيُ حَتَّى لَمْ يَذَرْ أَثَرَا بقلم مبروك السيّاري تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 22 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.