بعين واحدة بقلم أفراح الجبالي تونس


الفتاة ، التي تضع ضِمادة على عينها اليسرى،
وقد تركوا لها عينها الثانية ،
تنظر إلى تمثال عارٍ
كان عصفوراً
العصفور بلا لون ،
عينُه ذهبيّةٌ ، كنحلة ،
جناحُه ، عشبُ الخرافات
ومضفورٌ كسحابة
علّقتْ زنبقةً جميلة الملامح ، أعلى تعَبِه
العصفور
ومنحتْ رقبةَ وحدتِه ، تفاحةً
وزجاجةَ مشيتِه المليئةَ
مثل أقواسِ قزح
منحتْها سلّة أجراسٍ ، ومدّتْ إليه يدها
يدها الصغيرة
يدها التي كانت في حجم شيء أكثر من الوطن
رأتْه
وكان يصْهل ويرفس
مثل حصانٍ بنفسجيٍّ ،تعرَّفتْ عليه ، يوماً، بينما كانت تحلم
ولم ترسمْه
لكن، ماذا لو تركوا لها عينها الأولى ؟
أو ضمّدوا العيْن الأخرى.!
يبتسم
إنّه يبتسم ، هكذا تكلّمتْ
وجبلُ الماس الذي كانت تقف فوقه
الجبلُ الماسيُّ
شاهدتْه يتلقّفُها
مرّةً ثانية
وكان العصفور قد بدأ يحوم
أعلى من كل الطرقات التي ستعبُرها ، يحوم
فوق العواصف المقلوبة
وفوق الكهف
بوجهِه اللمّاع ، مثل قُبلة في القلب
ومثل أشياءٍ كبيرة ستَشرع في دَسّها بالكيس البُنيِّ
كان يحوم
وداخل أعشاشٍ تَـتنقّل كأباريقِ الربيع
أكلتْ الفتاةُ ، تفاحةَ القلبِ العارية
وكانت تُشبه يدها الثانية
يدها التي لم تكن تُقلِّب بها صفحات الكتب ، في الأيام 
الأيام التي لا تـتمكّن فيها الفتاةُ
من العبورِ
أو تلك التي لا تتمكّن فيها من تسمية اليوْم بأمانٍ
يدُ الفتاةِ تلك ، كانت تُخفيها 
لكي، تجد لغةَ العالم
ولو لمرّةٍ واحدة
خارجَ الخسران.
بعين واحدة بقلم أفراح الجبالي تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 29 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.