رغمَ أنَّهُ سيكونُ وحيداً .....زكريا شيخ أحمد / سوريا



رغمَ أنَّهُ سيكونُ وحيداً

أَتخيلُ
أنَّ آخرَ إنسانٍ على الأرضِ
سيشعرُ بوحدةٍ رهيبةٍ ؛
سيستقبلُ الموتَ وحيداً ؛
لا أحدَ سيكفّنُهُ
و لا أحدَ سيدفنُهُ .
ستبقى جثتُهُ في العراءِ ،
لنْ يكونَ هناكَ أحدٌ يعترضُ على ذلكَ
و لنْ يوجدَ مبررٌ لتكفينِهِ و دفنِهِ .

منْ أجلِ الأحياءِ يتمُّ دفنُ الأمواتِ أمْ منْ أجلِ الأمواتِ ؟
إنْ كانَ منْ أجلِ الأحياءِ فما منْ داعٍ لذلِكَ
لأنَّه لمْ يتبقَّ أحياءٌ .
إنْ كانَ منْ أجلِ الأمواتِ فمنْ سيكرمُهُ و يقومُ بدفنِهِ ؟

هذا الميتُ الأخيرُ لنْ يحظى بكفنٍ و قبرٍ
و ليسَ في ذلك العدلُ كلُّ العدلِ .
أعلمُ أنَ الكثيرينَ لمْ يحظوا بكفنٍ و قبرٍ ،
لكني كمْ أودُّ لو انَّ آخرَ فعلٍ يتمُّ
لحظةَ حلولِ نهايةِ العالمِ يكونُ عادلا .

لو كنْتُ مكانَهُ لحاولْتُ بأقصى ما أستطيعُ
تحقيقَ تلِكَ العدالةِ التي لمْ تتحققْ
خاصةً في الحروبِ و الكوارثِ .
لو كنْتُ مكانَهُ
كنْتُ كفنْتُ نفسيَ بنفسي
و حفرْتُ قبراً واسعاً و جميلاً لي
و اتخذْتُ منهُ مكاناً للنومِ
و حينَ يأتي الموتُ ،
أكونُ متمدداً مسبقاً في قبرٍ .
ربما بعدها تأتي رياحٌ تحملُ غباراً كثيفاً
و تغطي قبري فأحظى بقبرٍ .

لا أستطيعُ تأكيدَ هذا و لكن غالباً
فإنَّ هذا الإنسانُ الوحيدُ المتبقي في العالمِ
 حينَ لا يجدُ أحداً
منَ الأحياءِ  يتحدثُ معَهُ
سيسكنُ  مقبرةً و يتحدثُ معَ الأمواتِ
و بذلكَ لنْ يشعرَ بالوحشةِ و الوحدةِ .
و في نفسِ الوقتِ ستتحققُ العدالةُ
التي تمكنَ آخرُ إنسانٍ منْ تحقيقِها رغمَ أنَّهُ سيكونُ وحيداً .


رغمَ أنَّهُ سيكونُ وحيداً .....زكريا شيخ أحمد / سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 14 يناير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.