رجلٌ حكاياته قصيرة جدّا ....بقلم هيثم الأمين / تونس




أعلمُ أنّكِ
تتصنّعين النّوم بعدَ اللّعبةِ
فأصابعكِ الغاضبةُ... تفضحُكِ
و اللّهاثُ المتسارع لهذا الوطن الذي يتلصّص علينا من وراء النافذةِ
يفضحُكِ
و عطرُ الرّجل الوسيم؛
الذي ما خَبِرَ يُباس الملاءات الخشنة
و لا جرّب لحمك المُرْ؛
الذي جاءك، حُلُما،
ليقصّ على رغبتك حكاية جسده الطويلة جدّا
أيضا، يفضحكِ.
حكاياتي القصيرة جدّا... لا تُعجِبُكِ
و لا يعجِبُك فمي المملوء بالجوعْ
و بالشّتائم البذيئة التي
حشرها في فمي
رصيف لم يزره الوطنُ منذ ولادتهِ
كما لا تُعجِبُكِ
كلاب حيّنا الضّليعة في النّباحِ،
الخبيرة في ابرام  صفقات مريبة مع الرّيحْ
و التي
علّمتني أن أشرب الكثير منّي
و أعودْ، كلّ مساء، مترنّحا.. فأخسركِ أكثرْ !
نعم؛
أنا لستُ ذلك الرّجل الوسيمْ
الذي يأتي إليك
حاملا باقة ورد و الكثير من المرحْ
و يقول الكثير من الكلمات المؤدّبة
فيناديكِِ "حبيبتي"
حين أناديكِ " يا سخطة"
يقول: أشتهي رمّانكِ
بينما،
أنا،
أنزع عن صدرك حمّالة الصّدرْ
و أعتصرُ ثدييكِ
فقط،
لأسمعك تصرخينْ !
ذاك الرّجل الوسيمْ
الذي يثرثر كثيرا عن حقوق النّساءْ
و يصنّفُكِ "امرأة كادحة"
و أنا البائع المتجوّلْ
الذي يركض طول اليوم وراء المشترين
و هربا من الشرطة
و يعاني منذ سنّ العشرينْ
من ضغط الدّم و من السّكّري و من الروماتيزم
لا يشبهُني في شيء
و لا أشبهه في شيءْ
و لكنّي، خلافا عنهُ، أحبّكِ
أحبّك حين أسرق من فم الرّصيف رغيف خبز أتقاسمهُ معكِ
و هو
يثرثر عنكِ
في مؤتمر حول طاولة في نزل خمس نجوم
أنا
أحبّكِ
حين تثيرينني بكلّ شعرك المنكوش و بأصابعك الخشنة
و بفستانك الباهت الألوانْ
بينما هو
لا يعرف حتّى اسمك
و إن اقتربتِ من سيارته الفاخرة
سيبتسم في وجهك
و بلطفْ
سيقول لك: "ربّي ينوبْ"
و أنا
أحبّكِ
رغم علمي أنّك تتصنّعين النوم بعد اللعبة
و أنّ حكاياتي القصيرة جدّا
لا تعجبُكِ.
رجلٌ حكاياته قصيرة جدّا ....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 04 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.