نباح و أشياء أخرى....بقلم بقلم هيثم الأمين / تونس



نباح و أشياء أخرى
ــــــــــــــــــــــــــــــــــ
خارج إطار الصورة،
امرأة معلّقة،
كمعطف قديم،
رأسها مقبرة
و من المقبرة ينزف نهر بضفّة واحدة !!
خارج الإطار،
على يسار الصورة،
ضفّة النّهر التائهة
و هناك،
بأقصى سرعته،
في مكانه،
يركض رجلٌ نحو المرأة المعلّقة... و ينبحْ!!
في الصّورة،
ألعاب ناريّة
 و رجل معه طفل؛
رجلٌ يشبه أبي حدّ التطابق
و لكنّه ليس أبي!!
و الطّفل
يشبه طفلا، عالقا في صور كثيرة، يقول أبي أنّه "أنا"
و لكنّ الطّفل ليس "أنا"!!
خارج النافذة، مدينة لا تعرفنا أو تدّعي ذلك لدواعٍ خاصّة؛
داخل الغرفة الضيّقة كصدر عجوز مصاب بالرّبو،
تمدّ النافذة ضوءً طويلا و تلعق عشبك الطّازج!!
و أنا
أحكّ ظهري بكعب حذائك
و أحكّ جلدك بعيوني!!
خارج السّرير... أنا؛
في السّرير... أنت؛
عُريك.. يعبث بأسلاكي العارية
و عُريي.. ليس طازجا بما يكفي لتوقظ رائحته طفلتيْ صدرك!!
تُقرفصين، في سريرك، كزجاجة بيرة، عملاقة، باردة
و تدندنين أغنية قديمة جدّا
" على سرير النّوم دلّعني"!!
فيصير جلدي كلابا بريّة... و أنبحْ!!
تخلع أصابعي ملابسها الداخليّة... و تنبحْ!!
يحدثُ التماس بين أسلاكي العارية... و أنبح!!
فتضحكين
فتفرقع الألعاب الناريّة في الصّورة،
يضع الرّجل يده على عينيْ الطّفل... و ينبحْ،
تنتبه المرأة المعلّقة من شرودها... و تشتم
و يتوقّف الرّجل،
الراكض على ضفّة النّهر التّائهة،
عن الرّكض و ينبح!!
يصير كلّي أطفالا جياعا
و يصير كلّك خبزا طازجا
و ننبح... !!
تتساقطين عشبا وفيرا؛
أتساقط قطيع وعول؛
يلتهم عشبك وعولي،
تلتهم وعولي عشبك
و يصاب السّرير بنوبة سعال حادة!!
تنتبه المدينة لسعال السّرير،
تلتفت لترانا،
و من وراء النافذة، تتلصّص علينا فينتصب ضجيجها.
يلهث الضّوء،
تقبّل المرأة المعلّقة مقبض الباب،
يعوي الرّجل الذي توقّف عن الرّكض
و يُفرقِعُ، رجُل الصّورة، المزيد من الألعاب النّاريّة !!
مطر.. مطر.. مطر!! !!
ننسحب جميعا:
أنا و أنت،
السرير و النافذة و الضّوء،
الغرفة الضيّقة و الجدار،
المرأة المعلّقة و الرّجل الذي توقّف عن الرّكض،
الإطار، الصورة، رجل الصّورة،
الألعاب الناريّة
و كلّ النّباح
ثمّ نختفي في قلب الطّفل الذي كان في الصّورة
 فصار على الرّصيف!! !!
نباح و أشياء أخرى....بقلم بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 10 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.