لعنةالبصيرة بقلم علاء الدين الحسين سوريا
في تمام السابعة كان كل شيئ مرتب
الورد وصندوق الحلوى و عطر ماجيستي حذاء يلمع بصغ محارم جيب
وصل للموعد كان الجميع بانتظاره كانت تراقب من خلف باب الغرفة دخوله وخلفها بضع نسوة
اتخذ موضع جانبيا ليجلس لكن اخاها اجلسه في الوسط وذلك من واجب الضيافة للضيف العزيز
تبادل للتحية والتعارف
كان كل شيئ رائع جداً وقلبه يطير فرحا
ووجوه الموجودين بريئة وتمنحك الراحة الامتناهية
دوماً كان الاخ الاكبر والاب يرددان مقولة خود راحتك شرفتنا والعديد من عبارات المجاملات والغزل
وجال الحديث الضخكة وبعض النكت التي القاها
منذ سنوات لم يضحك بحق
فمن المعروف عنه انه يضحك.عند الالم ليخفي الحقيقة لكن هذه المرة كان يضحك.من اعمق اعماق قلبه وكانها ضحكات أب رزق مولوده الأول بعد سنين طوال كضحكات أم نطق طفلها حرفه الاول وخطوته الاولى
كل شيئ مدهش كل شيئ
حتى دخلت مع القهوة
كانت رائعة قطعة من الجنة تعلقت بها عيناه أكثر وخفق قلبه اكثر فاكثر فأكثر فأكثر
لباسها المتزن بالعفة عيناها اللطيفة اناملها التي تحمل صينية القهوة
حتى ذلك البابوج الذي يجعلك تنظر تراسيم اصابع القدم وتلاوين الجسد
عندما وصلت إليه وقالت بصوت خافت ولطيف ((( تفضل)))
وأشارت بعينيها وحركة خفية من اصبعها نحو أحد الفناجين
لقد كانت تعلم كيف يحب القهوة فاثرت أن تجعله خاصا جداً
تناوله وبصره لم يغب عنها ابدا وارتشف رشفته الأولى كانت رائعة خالية.من مقالب الملح وخرافت الاولين
كانت خفيفة وليس لها وجه تماماً كما يعشقها
مع فارق انها كانت بطعم ساحر جداً وكأنها سكر
كل شيئ مدهش كل شيئ يوحي بفردوس الجنة
جلست بين الحضور وعيناها منكبتان نحو الارض في حياء البكر الرشيد وتسترق النظرات كما يفعل هو أيضاً
اه هنا نسيت أن اخبركم بالجزء الأهم من القصة أو كل القصة وأصل القصة
كان قد أحضر ابنته الوحيدة واليتيمة ذات الخمس سنوات والتي اجلسها بقربه وكل لحظة بشعور الطفولة عندما يكون بين الاغراب تلتجئ لتجلس بحضن والدها لتنعم بالأمن والأمان
بعد أن ارتشف الرشفة الأولى من قهوته الرائعة انسلت تلك الطفلة لحضن أبيها
قام اباها باستلال الفنجان ليحصل على رشفة أخرى
لكن انسكبت القهوة على طفلته تلك اللحظة
ولأنها كل مالديه وجل مالديه كانت هي الأصل وهي الإختبار
كان انسكاب القهوة مقصود منه لحظتها
ماذا فعلت يابنتي هذا بسببك اخ منكم انتم الصغار واستل تلك المحارم الجيب التي كان جهزها مسبقاً لهذه اللحظة
عندها قال أباها كل الأطفال هكذا انها الطفولة لاداعي للغضب ولاداعي لتصرخ بها فداها الف قهوة ولا يصيرلها شي
كان خلوقا وعفويا
لكنها لم تكن بطهر ابيها كل ما فعلته أنها ناولته علبة المحارم بكل برود وانزعاج
انتهى الحلم
خرج من الجنة
ارتطم بصخرة الواقع
وبات بصره حديد
بقعة ماء في الزاوية لم تنشف بعد
لازالت فردة الحذاء مخبأ اسفل الاريكة
كانت الاحذية مبعثرة جداً في مدخل المنزل
شاشة التلفاز تعلوها كمية.غبار كبيرة
كأس الماء كان مغبشا وليس لماع
وهي اكتفت بمناولته علبة المحارم
كان من الواجب أن تأخذ الطفلة وتمسح عنها آثار القهوة وتظهر بعض الإهتمام
كيف ستكون مسؤولة عنها في غيابه
كسر قلبه للمرة الألف بعد الألف
واستئذن بالانصراف دونما عذر ودون أن يبدأ ما قدم إليه اصلا
فكل ما يهمه قبل ذاته هو ملاكه الحارس
ربما أو هو القرار الأخير سيعيش لاجلها فقط
ويصنع من قهره وحرمانه سحابة صيف ترعاها
فهي من تستحق فقط
تبا للعنة البصيرة التي جعلته يدقق بكل الحروف والاسطر والوجوه والأسماء
لم تورثه إلا قهرا بعد قهر
سيلملم شظايا قلبه ليكمل نورها
ويمشي في طرقات دربه ليركل علب الكولا الفارغة في الطرقات
بركة قهر
لعنةالبصيرة بقلم علاء الدين الحسين سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
28 فبراير
Rating:

ليست هناك تعليقات: