باختصار .. أصبحت أعرف أن الإبتسامة .. محتلة ، مغتصبة بقلم أبو لاوند مصطفى سوريا
باختصار .. أصبحت أعرف
أن الإبتسامة ..
محتلة ، مغتصبة :
-----------------------
بعد أن أكتشفت
سر السعادة
وأصبحت أستطيع
أن أجلب لأسرتي
بعض المكسرات
والحلويات الحامضة
في العيد .
وأقتني لأطفالي
الحقائب والدفاتر
والكتب المدرسية .
وبدأت أزرع على شرفتي
الغاردينيا والأقحوان .
وتعلمت ..
كيف أفجر الإبتسامة
على شفتي .
وأصبحت بلا خوف
اوشوش في أذن إمرأتي
وأقول لها : أحبك ِ ..
باختصار ..
حصلت على رخصة
قيادة الفرح
تحت أضواء القمر
في شوارع مدينتي .
بعد أن تعلمت
كيف أشتل بتلات النعناع
على شفتي ..؟!.
وأرتب على رفوف دماغي
كتب مؤلفات معاصرة
وأشعار وروايات واقعية
وقصص كفاح ونضال يومية
وأصبحتُ ..
قاب قوسين
من الحب
على فراشي المخملي .
باختصار ..
أصبحت أعرف
ماذا يعني
لهفة العاشق
وشغف الحب ..؟!.
بعد أن أصبحت
أشبه ، أزهار الختمية
وكيف أخطو في شوارعي
بشعاع الحرية ..؟!.
وكيف أطلق أشعاري
من بندقيتي القديمة ..؟!.
باختصار ..
أصبحت أعرف
بأن الوطن .. مثلي
لا يغفى عينيه
إلا في ظلال الزيتون .
فجأة ً ..
نادى قلبي :
وأعلن نبضي
التمرد
وأشعل في أعماق فؤادي
نيران ثورة الياسمين
وأستل سيفه
يقطف براعم دمي
ويرمي بالجثث
ذات الشمال
ذات اليمين
ويشب الحرائق
وينصب المشانق
ويخلي مدينة عشقي
من الاطفال والنساء
ويجفف في الساحات
نوافير الإبتسامات
وينزح بدمائي
ويقطع الطرقات
بين الشريان والوريد
وينشر في أرجاء جسدي
مخيمات النزوح
وأصبح روحي
يتلو صلوات العشق الأليم
في مخيم الكبد
ويقيم مأدبة عشاء
على أرواح الشهداء
في مخيم الكليتين
ويضرب بحجارة الحزن
الى الحالبين
وكانت كتيبة مدفعية
ترابط في غابة جسدي
أفقدني الوعي
وهي ترمي بالقذائف
على الخاصرتين .
ومازال قلبي
يبكي
مائة وخمس وستون ألف دمعةً
غرقت ، في بحر العين .
ويبكي
سبعة ملايين جائع ٍ
لاقوا حتفهم
في معركة المعدة الخاوية
في مجزرة البرغل .
باختصار ..
أصبحت أعرف
بأنه كان من المبكر
أن نفكر بالحب
أن نفكر بالحرية
والوطن ، بين طواحين
الطواغيت ..
لم يجد بعد
طريقه
إلى فم الحوت .
ولأنني أنتصرت
على ذاتي .
وأطلقت من مساماتي
من فمي
من العينين السوداوين
كل إبتساماتي
كفراشات .. تحلق
بعطر أنفاسي ..
ولأنني تركت أحزاني
بسجن المرارة
بلا أمل
بلا اوراق ثبوتية
في أرواد البنكرياس
يرضع من أثداء كبدي
رويداً رويداً
ترياق الحياة
واكسير الموت
بدأ نبضي
من جديد ٍ
يتجول في فنادق قلبي
ويعزف على صدور العاهرات
ألحان الحرية ..
ويترك دمي
على الأرصفة
يتسول الرغيف ..
بين الغبار والخراب .
فجأة ً..
نادى قلبي :
وخرج فصيلين مسلحين
من رئتي ..
وأطلقوا
نيران عشوائية
فاحترق
بشهيقي وزفيري
كل أوراق ذكرياتي
عن تنهدات الحب
عن كفاحي .
كل قصائدي
التي كانت
تضحك وتبكي
وترسم على شاطئ فمي
قبلات جميلة
وخارطة بلدي .
وامتلأت طرقات جسدي
بالحواجز
والألغام
وأقام فصيل وحوش الشرقية
حاجز خوف على شرياني
عند مدينة الدماء المتلألأة
ولم يسمحوا
بدخول قافلة دمي
التي كانت تحمل بعرباتها
مساعدات غذائية ، إغاثية ، إنسانية ..
مقدمة من :
منظمةالحنجرة الصامتة
التي ترعاها لندن
وجمعية الأمعاء القذرة
التي تديرها نيويورك
والهلال الاسود الياباني
والصليب الأصفر الألماني
والهلال الشاحب العربي .
ومازال قلبي
يبكي
مئتي ألف شجرة زيتون
قلعت
وكسرت
واحرقت
زرعتها مؤخراً
في حقل أحزاني
بين بطيني
الأيسر والأيمن .
يبكي
مليون شهيد
أقمت لهم قبوراً
بين أذيني
الأيسر والايمن .
باختصار ..
أصبحت أعرف
أن لذة العيش في الإبتسامة
والإبتسامة .. مازالت
محتلة ، مغتصبة ...
تحاول كل ليلة
أن تفجر أحزانها
تحت أضواء القمر
بلا جدوى
بلا أمل ..
-----------------------
باختصار .. أصبحت أعرف أن الإبتسامة .. محتلة ، مغتصبة بقلم أبو لاوند مصطفى سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
09 مايو
Rating:
ليست هناك تعليقات: