الوردة البرية التي تخفي رأسها بين صخرتين حتما ستلتهمها اليرابيع بقلم مصطفى الحناني المغرب


 
لا شيء ينجيك من السقوط
أنت لم تتدرب على المشي بكعب عال
على طوار شديد الانخفاض
ترنيمات خطوك تشبه صوت وتر شارد في آلة عود
دودودودودو الداووووووداااااااااووووووووودو
سيقانك النحيفة كلسان ضفدع أجرب
ستتعبهما طول المسافات
وما علق بماء رأسك من طحالب يابسة
وأنت لم تتعلم الركض السريع بعد
الركض كما ينبغي ويليق بعداء حبشي
••••••
جبلت على الوهم ولدغت بالهم مرارا
لكن ذا القلب يعاكسك كل مرة تنبهه :
لا حظ لك من خيوط الضوء
و زيت قنديلك المتوهج سريع الاحتراق و الأفول
كشمس أيلول في بلاد القحط
لا هي بالدافئة ولا هي بالمضيئة
كالظل في ليل الشتاءات الكئيبة
ووجهك قضيب حديد طويل
كبندقية صياد متقاعد علاها الصدأ
كأنك بهلوان لا شيء منه وفيه مضحك
سوى سرواله الفضفاض ووجه طفلة شاردة
وثرثرتك الغريبة فاضحة كسذاجة الدراويش
كنكتة مبتذلة
وأنت في عز غضبك تضحك عليك
لم تتعلم بعد إن الماء كاشف زيف اللون
وأن اللون قناع يخفي بلادة القماش
اللون وهم والماء احتجاز الطين للطين
••••••
وأنت كدود الأرض الجائع
لا يستطيع الزحف تحت أشعة النور
ولا يعرف ذكره من أنثاه
مثل القطط البرية
أو كضرغام مهدد بالإنقراض
الوهم قاتل متوحش مفترس
ولا جدوى من ترويضه بكذبة
••••••
الكذبة سمراء لا تشرد
ولا تفهم السر في اصفرار وجه حضورها
عربية الانتماء
ترعرعت في فسيفساء قشتالة
وتدحرجت عبر الماء حتى وصلت بلاد الياسمين
كأنها لم تتعلم من طريقة الريح في تغيير خرائط الرمل
ولا من حروب النزاعات الطويلة
كأنها لا تفهم ولا تعلم إنها لا تفهم
إن السر في أنشودة تقض قميصها من دبر
هو صوت فراشاتها بالليل حين تتحول إلى خفافيش
وحين يصرخ النهد فيها
ولا تلبي رغبة الحلمة في التدفق الحار
وتكتفي بتنظيف ما علق ما بين نهديها من عرق
ككلبة أنهكتها جراؤها في زمن التوهج الكلبي
••••••
وأنا مثل المقاتلين في الجبهة
يقظ حساس
أنصت بحذر شديد لدبيب النمل على الرمل
و في صوتك أنت
حشرجات الحصى تحت عجلات جيب عسكري
كالخوف يسبق دوي قذيفة في إسقاط الرؤوس
العاشق كالمحارب يده على الزناد لا تنام
يجيد فك شفرة التهافت في قطرة ندى وردة آيلة للذبول
••••••
وأنت لن تكوني ككل نساء حارتنا
ممن عشقنني وتركن على القلب قبلة حامضة
كخاتم قائد عسكري
أسفل مذكرة تحفز الجنود على البسالة في القتال
••••••
كنت الرصاصة الأخيرة الحاسمة في توقيع بيان حب
وعلى بابي اجتمعت فراشات الحقول
تنشدن أهازيج عاشقات قتلتهن صبابتي
••••••
كنت دونكيشوت القابض على الريح في الحب
وكان الحب يطرق بكلتا يديه بوابة جهاتي
ليأتي صوتك مضمخا بالحسرة والحيرة :
الحب كما الحرب في القصص :
خدعة
وأنت لا جيش و لا خطط لك في التوسع شرقا
يأسر قلبك شرق نخيل الجنوب
كوشم على جبين أمك قبل أن يموت
وشم كانت تحمله على خدها
فراشة قحطانية الألوان كمروج عدن
قبل نشوب الحرائق في حدائقها بدقائق قليلة
••••••
لو تستطيعين صعود علياء جبل صدري
سترين كيف تركض صوب قلبي غزلان البراري جلها
وسيصاب وقوفك بالسقوط
الجبل شاهق العلو والمنحدر انهيار لا حد لمداه
••••••
بياض القصيدة وأريج عطرها
لا يمكنه أيخفي خوف شاعر من سقوط قناع الطباق
••••••
وأنا شاعر لا يكتب قصيدته تحت إبط الذريعة
حين جف ماء القصيدة بين أناملي
كانت عيناك أقصى الرؤى في الكلام
وتصبب من مسام جلدك الناشف ملح أزرق
يشبه لغتي الآن جدا....
••••••
وأنت في غمرة الشوق
يوخزك العمر في الخاصرة
كراقصة بالي عجوز
راقصة لم تنس الهز والغمز
تستعين برأسها لتحديد وجهة صيدها
وطقطقات خلخالها الحزين
حين يعاند خطوها طريق الصرخة الأخيرة
تقرع أجراس أحبالها المتآكلة
ككنيسة منسية في زمن الموت السخيف
••••••
الرقص في الحب مجازفة خطيرة
إن سقط بلوره صار طحينه رميم
وأنا قلبي جلده من جلد الماموث
كلما ارتفعت درجة حرارته
رفرف وتينه لتحديد وجهة الماء
حين يصيبني العطش
أستفز نواميس لغتي
أصيرها غيما يمطر في صحراء قلبي
ورعدا أبابيلا يقصف صدرك بالعباب
فلا تجازفي أبدا بغفوة و جه الريح...!
••••••
ولا يغرنك الورد الملقى في طريقك نحو التيه
فمنذ تمزق وطني فقدت ثقتي في الربيع
وأنت وحدك ماء نهر هارب بعطش الفصول
الوردة البرية التي تخفي رأسها بين صخرتين حتما ستلتهمها اليرابيع بقلم مصطفى الحناني المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 07 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.