لي زان فوايي..(المطرودون) بقلم عبد الغني سهاد المغر



كلما عدت الى الذاكرة واعدتها قسرا الى تلك الايام يتملكني الاحساس بموجة من البرد الصاقع الغامض في غير وقته اوالهدوء المصطنع من حديد الارض وسكون السماء الزائف الذي اظن انه شيء مهيب يسبق العاصفة ..وهو يستعد لذلك.تتخلى عني ملكة اللغة وحرارة اكتساب العبارات لكتابة شي غريب من الاشياء الغريبة والوقايع الغريبة التي لا اريد فهمها لانها مرت هكذا مسرعة في الزمن ..لكن اثارها صدقني بقيت بليغة في خواطر لم افهمها الا بعد مرور الزمن .فمن حين لاخر تتحرك بداخلي تلك الصور..والاشارات والرموز المكوية على نسيج الغرابة ..لايزال صدى ضجيج الطلاب في القاعة 13.يسكنني..وضربات الاستاذ على طاولته ..وصياحه في وجنا اسكتوا...السكتوا....تمردنا عليه ورفضنا السكوت ورفض هو مغادرة القاعة.حتى لا يفتضح امره ويعرف الزملاء انه عاجز عن ضبط الصف..والسيطرة على الفصل..السكوت..السكوت. ..في حصته..كان الاستاذ يضرب اخماس باسداد في لغته العربية ..وكان يكره لغته.وكيف له ان ينجح في تدريس قواعدها لنا ..كلما دخل الفصل كان يقفز كالقرد من طاولة الى اخرى...يلزمنا على الانضباط..وكان البعض منا يصيح ويزعق لا يريد ان ينضبط له..ولا احد منا كان يؤيد الاستسلام لنظامه حتى فثة العقلاء منا كانت تثيرخفية الفوضى..والاضطراب وتدعي .انها لطيفة وهادئة...حتى المدير كان يتجنب المرور اسفل نوافذ القاعة 13..وكانت هذه القاعة توجد في نهاية الجناح العلوي.. .وهي منبر اللغة العربية .اما القسم هذا فليست له لوائح رسمية تحدد تلاميذه.ومن وقت لاخر يتسرب بيننا الغرباء.يزيدون في اضطراب الفصل..ولذلك عدد تلاميذه يتغير كل اسبوع..وليس له من يتكلف بورقة الغياب....لان الحضور فيه كالغياب ..ولا احد من التلاميذ يجرؤ على تمثيله مع ادارة المؤسسة ...كان قسما من الطلاب لا ينتمون الى المؤسسة...ولا رغبة لهم في دراسة اللغة العربية ..ولفهم ذلك وجب معرفة انه كان يتكون من الطلبة المطرودون والمستعطفون......على الاقل من اغلبهم..وهو ما يعني في لغة المدير ..المنبوذون ..الفاشلون ..المرجعون الى حظيرة التربية ..بعد ان فشلوا و تسكعوا كثيرا من الوقت في زوايا الشوارع المظلمة .. هانحن نعود بموجب مذكرة الاستعطاف؟ واقصد المذكرة الوزارية التي وضعها احدهم للحد من الهدر للمدرسي.. ..فالوزارة يضطرها مبدا التعميم..الى تبني سياسة نهج الحرب على الهدر المدرسي...ولكنها في حقيقة الامر لا تزيد سوى في استفحاله ..فثلاثة من المستعطفين ..العاثدين الى رحاب المؤسسة ..قد يؤطروا ويدربوا جماعات اخرى من الطلاب العاديين بل النجباء ..على الاستهتار بالدراسة ..ويتحول الكل الى جانب الفشل المدرسي ثم الفصل المدرسي ...وكانت ادارة المؤسسة تمقت هذه الفئة من المستعطفين ..فتوزعها على الاقسام...وبذلك تنتشر العدوى..عدوى وتسود لعنة الطرد بين الطلاب ..وتنعكس الاهداف .. وينقلب السحر على الساحر..وينطقها ..هكذا (لي زا انفوايي.)..!ومنهم les envoyees...ومنهم ك..ولم اكتشف الا مؤخرا ان (ك )صديقي .كان منهم وهو على علم بالكثير من اسرار استاذ اللغة العربية فخاله معلم قديم وغشيم يراود النادي الذي ينتمي اليه استاذ اللغةالعربية..ويتطلع باستمرار على اسراره ومغامراته..ويرصد اخفاقاته..ويحكيها ل (ك.) زميلي منها ان الاستاذ المتطوس .كان قد ضبط وهو ينقل الاجوبة بحرفية في امتحان ولوج سلك القواد الممتازين..وهويستعمل وريقات مدسوسة في علبة السجاير عليها المنقولات ..وكان يريد ان يصبح من قواد المخزن...!!..ولما طرد ه المراقب من قاعة الامتحان..وحرر في شانه تقريرا طويلا وعريضا..خرج الى زملاقه وهو يصيح محتجا..(انها مؤامرة حبكها احد منكم ضدي..!!!..)
وكان( ك) الذي كشف السر الغريب لاستاذ اللغة العربية يقفز من طاولة الى اخرى وهو يكرر ؟...نفس العبارة..(انها مؤامرة دبرت لي..)..ما كانت اخلاقي ومبادئي تسمح لي بالغش في الفرض..اي فرض.يا استاذ....!!..والاستاذ يجري خلفه ويكرر..وهو يلهت
.(.هيا غادر القاعة..ايها الغشاش اللعين..!!..
وكنا نحن (لي زان انفويي ).كما يسمينا المدير.نكاد نموت من الضحك.ونزيد في فوضى القسم 13.(استاذ...استاذ..نعيط للادارة...استاذ..استاذ..نقبضه لك...؟..).وكان الاستاذ يبحث على وسيلة للقبض على التلميذ.(.ك.).الذي يبدو انه اصيب بنوبة صرع..او جنون...وهو لايتوقف من العويل و القفز على الطاولات ..ليجد الاستاذ اخيرا ممسحة من خشب.اسفل السبورة.السوداء..فقدف بها راس (ك.)الذي ارتطم بالحائط وسقط بين الطاولات. مدميا راسه...،وصدر صوتا غريبا من مناخره كانه يحتضر ..فصاح الجميع ...(قتلته يا استاذ.....قتلته يا استاذ.). تظاهر احدنا بالبكاء..فتبعه كل التلاميذ..تلاميذ قسم المستعطفين..يعنى وبلغة المدير..(لي زان فواييي..)...وحتى يتضح الامر جليا اقول اني لم اطرد يوما من المدرسة ولا اعد من المستعطفين وكل ما في الامر اني وقعت هذا العام في شباك هذا الفصل الخبيث.كالطير المكسور الجناح...والسبب لم يكن سوى تاخري في اعادة التسجيل..ودفع رسوم والتسجيل ووثايقه من صور شخصية وطوابع..والخ....ففي خلال عطلة صيف مارست عملا اضافيا....منه استطيع ان انفق عل لوازمي الخاصة كالتسجل في المدرسة وشراء الكتب واللوازم المدرسية والبسة الدخول المدرسي..في هذا العام الغريب تاخر المعلم الحرفي الذي كنت اشتغل في دكانه صناعة الطرابيش الجلدية ( رعاة البقر)في دفع اجرتي الاسبوعية..ربما كان يطمع فيها لنفسه وصرفها على ابنائه في مناسبة الدخول المدرسي..لان انعدام الضمير الاجتماعي وليس ضمير اللغة وتفشي اخلاق الهدر الانساني بين الناس لم يكن يستثني شريحة الحرفيين والمعلميةفي المدنية القديمة ...وكان كما هو يضرب باطنابه في من كنا نحترمهم من معلمين واساتذة..ومنهم استاذ اللغة العربية..لذلك نعود ال القاعة 13..والقسم 3 .حيث قرر المدير الذي تدخل للحد من الفوضى .ان يعاقب فئةالمستعطفين..بطردهم من المؤسسة نهاقيا...لم يكن هذا القرار التاديبي صادر عن مجالس المؤسسة..التي ينص بها قانونها الداخلي..لكنه كان قرارا فرديا..من المدير.،فهو يكره المستعطفين..ويدعم سياسة الهدر المدرسي....!!....
لي زان فوايي..(المطرودون) بقلم عبد الغني سهاد المغر Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 05 أغسطس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.