مما قاله الصبيُّ للبحرِ.....هاني يحيي / مصر

مما قاله الصبيُّ للبحرِ
                               (١)
جئتُ الليلةَ لا لأحدِّثكُم عن وطنٍ يقترعُ عليهِ النخاسونَ وحراسُ الموتِ
ولا عن صبْيةٍ اختلفَ الوقتُ فصاروا للتيهِ افترقوا
كنا نحصي موجَ البحرِ ونصنعُ سفنًا لا تبحرُ
لكني في الغفلةِ أبحرتُ وحيدًا
لم آتِ إليكم كي أقرأَ كيف القلبُ أصيبَ ببرقِ العشقِ وكيف المرأةُ تأتي من طرقاتٍ موغلةٍ في الفقدِ فتصعقُ روحي
تطلقُ جنَّ الشعرِ فيرتبكُ القلبُ إلى الأبدِ
ولكني جئتُ لأني أدركتُ الخدعةَ
لا شيءَ هنا غيرُ مكابرةِ الروحِ تئنُ من الوحشةِ وتكابرُ
لا شيءَ سوى الأسوارِ يشيدها الجسدُ المتهالكُ من وطءِ الوقتِ
الآن سأتركُ دفءَ البيتِ وشرفَ العائلةِ ورملَ الوطنِ
الآن سأتوقَّفُ حتى عن عبثِ التجربةِ
                              (٢)
في عينيكي المذهلتينِ رأيتُ يدًا تحتضنُ القلبَ المُتعبَ فاطمأْنَنْا
وحياديًا حاولتُ وقلتُ سأخفي عنكِ اللهفةَ
أخفي عنكِ مجونَ الذاكرةِ
وقلتُ انتظري فأنا مثلكِ أبحثُ عن أسبابٍ كي أكملَ تلكَ الملهاةَ إلى آخرها
انتظري علَّ هنا فرحًا يأتي أو أعراسًا تنتظرُ على بابكِ
علَّ هنا سببًا كي نغتفرَ لنا حين تخلينا
حين تمادينا في الخجلِ
وحين توغلنا في القتلِ ونحنُ نهرولُ مأخوذين بوهمِ الحريةِ
الآن أنا حرٌّ حوصرتُ بعينيكِ فأسلمتُ قلاعي
في عينيكِ المذهلتين رأيتُ صبيا أبحرَ يوما في التيهِ يعودُ الآنَ إلى البيتِ
                             (٣)
أحاولُ ألا أكتبَ عنكِ الليلةَ
لكني أسقطُ ثانيةً في الخدعةِ
أسخرُ من قلبي كلَّ مساءٍ، يغضبُ مني، نتبادلُ بعضَ الأنخابِ ونغفو
نحلمُ برياحٍ تأخذُنا حيثُ تكونينَ
وقلتُ: أراكَ الليلةَ مبتسمًا!
قال: ليسقطْ عنكَ حجابُكَ ... أنت الآن ترى
وأهبُّ من النومِ فلا أبصرُ أحدًا غيري
***                        ***                            ***
هاني يحيي
مصر _مونتريال ...
مما قاله الصبيُّ للبحرِ.....هاني يحيي / مصر Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 20 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.