ربّما... .....بقلم هيثم الأمين / تونس
لقد تعبتْ.
هل يكفي هذا مبرّرا لأن أرحل؟ !
و إلى أين سأرحل
و أنا كلّ خرائطي تشير إلى زاوية في غرفتي
و كلّ الطّرق دائريّة
تأخذني منّي
لتُعيدني، أكثر تعبا، إليَّ؟
هل تناولتِ فطوركِ، هذا الصّباح
أم أنّكِ مازلت تفضّلين الجوع في كلّ شيء؟ !
و رياح ديسمبر الباردة
هل قبّلت جبينك حتّى استثار العصب الخامس لوجهك
فسارع إلى التعشيش في رأسك الصّداع؟ !
لقد تعبت
و سأرحلْ .
ربّما، سأترك أصابعي،
كلّها،
عند باب نجّار أطعم أصابعه لآلة القصّ
أو سأدسّها
في جيب شاعر يتسكّع في القصائد
و نسي سجائره على مقعد في قطار
أو...
سأهديها لطفل لم تعدّ له أمّه حلوى العيد.
و قبل أن أرحل،
سأبيع صدري.
سأقسّمه لأراض بمساحة خَدْ
ثمّ أبيعها لغرباء لا يحملون في حقائبهم إلّا حزنا و ذاكرة.
سأبيع كلّ مقسّم للذّكور مقابل نصف حزنهم
و للنّساء..
مقابل ثلاثة أرباع حزنهنّ و قبلة
و قد أعلّق، على قلبي، لافتة كبيرة أكتب عليها بخطّ رديئ
"هنا، يباع الحبّ خلسة"
هل مازلت تُكثرين من شرب الشّاي
و من شرب الأحلام القديمة؟ !
هل مازلت تذهبين متعبة
و تعودين متعبة
إلى و منَ العمل؟
أنا، أيضا، قد تعبتْ.
و هذه الجدران تظنّني جدارا خامسا
جدار متحرّك و قابل للطّيّ و للبكاء
بالأمس، سألني جدار فتيّ:
كيف نمت كلّ هذه الطّحالب على كلّك و أنت لست جدارا ثابتا؟ !
لهذا سأرحل
غدا، ربّما، أو ذات يوم.
هل تظنّنين، حقّا، أنّي أهلوس؟ !!
بئر، جسر، بحر
شجرة، نافذة، سطح
حبل، قصيدة، طريق سيّار
و عتمة
كلّها نقاط عبور لا يقف عندها أعوان الجمارك
و بإمكاني أن أتسلّل عبرها إلى ما وراء الـ"هنا"
هل سيحزنك هذا؟ !
هل مازلت تصرّين على النوم بحمّالة صدر؟
أنا.. مازلتُ أنام بحمّالة صبر...
و لكنّي.. تعبتْ.
نسيتُ أن أُخبرك
لقد أنصفتني اللّغة
و ما عادوا يتّهمونني بـ" الشّعر"
و قصائدي/ نصوصي/ ثرثرتي
نسبوها لشاعر يغتسل بالضّوء على ركح حكوميْ !
لا، أنا لستُ حزينا
و لكنّي متعب
و أحتاج رِجلا ثالثة لأعبر
فأنا
لا أحبّ أن أسقط قبل الرّحيل
أنا أخشى أن يكتشفوا تعبي
فينقذوني، حسب زعمهم، من الرّحيل.
هل نسيت، كعادتك، أن تشربي الماء، اليوم؟ !
و هل ستحرقين شعرك، ككلّ أحد، في صالون الحلاقة؟ !!
و لكنّك جميلة جدا، اليوم أيضا، و أنا
تعبتْ
و ربّما سأرحلْ...
ربّما... .....بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
29 ديسمبر
Rating:
ليست هناك تعليقات: