كم أنتَ أبدٌ .....بقلم ميرفت أبو حمزة / لبنان
خوفاً من قليلٍ لا يسدُّ الثغرةَ المتناميةَ داخلي.. خوفاً من كثيرٍ يوسِّعُ الهوةَ السحيقةَ في فناءِ الروحِ قبل أن تتلاشى في دوائرِ العدم ... مشيتُ .. كمن يحمل جنازتَهُ بين الكثيرِ من الموتى .. بين الكثيرِ من الأحياءِ الأمواتِ .. لا شيءَ في ذاكرتي .. لا فناءُ بيتي المبللِ بمطرٍ مالحٍ .. ولا كفُّ طفلي حين تومئُ لي بالعودة .. مشيتُ وكأنني الطريقُ حين يمشي مع المسافةِ ، ويبقى وحيداً إلّا من لهاثِ الريح .. كأنني الريحُ أضربُ نفسي بالجدرانِ .. بالشجرِ .. بالغيمِ .. بثقوبِ الليلِ لأُلحِّنَ صدى عودتي مني إلَيَّ ، بعد كل هذا الرذاذِ المتشظي من بعضِ قطراتٍ نزحَتْ عن موطنِ الرؤى لتعيدَ للعينِ معنى صفائها .. خوفاً من سؤالٍ قد يلغِّمُ كلَّ الإجاباتِ المهجنةِ باللباقةِ والأناقةِ والحرصِ والمواربةِ والفجاجةِ..صمَتُّ إلى الأبدِ .. الأبدِ الذي هو مطلقُ الأشياءِ في خلايايَ .. الذي هو كلُّ ثغرةٍ ، وكلُّ هُوَّةٍ ، وكلُّ حراكٍ تحدثه نسمةٌ فوقَ سطحِ ماءٍ .. وكلُّ موتٍ مؤجَّلٍ أو مُتوارٍ خلف جثةٍ تمشي .. وكلُّ فسحةٍ أمامَ بابٍ يحفظُ هويةَ الطرقاتِ .. وكلُّ بصمةٍ تركها طفلٌ لجريمةِ الغد .. وكلُّ حصوةٍ لبستْ حرارةَ الإسفلتِ لتلتحمَ بأقرانها .. الأبدِ الذي هو أنفاسنا المتوحِّدَةُ في هذا الفضاءِ حين يعيدُ لها الشجرُ كرامةَ النقاءِ .. الأبدِ الذي هو رجعُ صدى ذاكرةٍ تزاحمتْ لتخرُجَ من مقلةٍ خالصةٍ إلا من ملحٍ أثَّثَ الأرضَ والحجرَ ليليقَ بموطن الدموع ..
كم أنتَ أبدٌ حين تخرجُ من سجنِ الجسد.
ميرڤت أبوحمزة
من ديوان * كنتُ أرى *
كم أنتَ أبدٌ .....بقلم ميرفت أبو حمزة / لبنان
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
13 فبراير
Rating:
ليست هناك تعليقات: