لا شيء يعنيني ....بقلم ميرفت أبو حمزة / لبنان
لا شيء يعنيني
.......................
وأغلقتُ كلَّ نوافذِ الشتاءِ
لا شيءَ يعنيني خلفَ زجاجٍ باردٍ..
ومدفأةٍ مُطفَأَةٍ..
وأغلقتُ كلَّ شراييني ..
كلُّ قطرةِ دمٍ تعبرُ جثةَ الكلماتِ خائنةٌ ..
كلُّ شهقةٍ لا تؤجِّجُ في الصدرِ جمرةً
ما هي إلا هواءٌ كاذبٌ ..
وهذه الروحُ هَباءٌ .. تنزفُ الطريقَ
كم سقطَتْ خطوتي مني
وكم سقَطَ الزمانُ واللحنُ والصوتُ..
وكم ضحكَتْ بيننا المسافةُ
يا أيها الحزنُ الرخيمُ
العالقُ في ستائرِ الذاكرةِ ..
عُدْ بي مهفهفاً
حيث يشرقُ اللونُ على لُجِّ المعنى
على الصورِ القديمةِ
والدروبِ التي تئِنُّ حرقةً في الغيابِ..
هكذا تمّتْ وشايةُ الحريقِ
قبلَ أن يُصار..
قبل أن يصدقَ كذباً..
وقبل أن نُتِمَّ جمْعَ ما تبقى
من حطبِ العمرِ ...
هنا قريباً من كلِّ بعيدٍ..
وبعيداً عن كلِّ قريبٍ..
تتكاثفُ سحابةُ دخانٍ جامحةٌ
تعلو وتعلو ..فتصيرُ غيمةً واجلةً
تتربصُ بأنفاسِ الكونِ التضيقُ
تبحثُ عن كنهها في كل جذوةٍ
وتُسَيِّرُ الريحَ على هواها
كي ترفعَ الرمادَ عالياً
حيث تصبحُ فكرةُ الرؤيةِ محرقةً
ويصبحُ الوجعُ ضريبةً كي نرى
هنا يتواطَأ الفضاءُ مع النهاياتِ
وتصدرُ الأحكامُ بما خلفَ المرئيّ
بموضوعيةٍ مقنعةٍ..
تبرِّرُ سرياليتَها
وتكمِلُ كلَّ ما لم يكتملْ
ببراعةِ مُخْرِجٍ حطَّمَ المسرحَ
وأجهزَ على كلِّ الشخصياتِ
قبل أن تُفتَحَ الستارةُ
عيناكَ غزالتانِ
وأنا غابةٌ محفوفةٌ بالمخاطرِ
أعتقد أن ذئبَ الليل ما زال يعوي جوعَهُ
خذهما بعيداً حيث الوداعةُ المطلَقَةُ
إِبتعِدْ عن موردي..
وأنا سأعيدُ لك كلَّ خطواتِكَ
كنت أودُّ لو أنّي
أتساقطُ كورقِ خريفٍ طويلٍ
لتحملَني ريحُكَ أنّى تشاءُ
نستريحُ هناك بموتِنا العاجيِّ
هأنذا أجلسُ وحدي على رخامِ الصمتِ
أجلسُ كهِرَّةٍ تموءُ وحدَها في البردِ
أجُسُّ لهبَ شمعةٍ تكادُ تنطفئُ وأغمضُ عيني ..
يا لـهذا المدى..
كأنني أتحولُ إلى مجموعةِ أطيافٍ
أتقمصُ كلَّ القلوبِ وأنبضُ عنها
أرفعُ حزنَها فيسقطُ فيّ
معززاً مكرَّماً..
فأبكي بكلِّ عذاباتها..
الأمرُ أشبَهُ بقطعةِ مطاطٍ على عنقي
أشدُّها .. تنفلتُ وتلسعُني ..
أتركُها فأختنقُ ..
كلُّ هذا أنا .. كل هذا أنت!
على سرابِ الإسفلتِ ..
نتلمَّسُ ملامحَنا
بأصابعَ عطشى .. فتحترقُ
كان من الممكن أن نمشي بقدمٍ واحدةٍ
أن ننتقيَ فرساً واحدةً ، ونعتلي صهوةَ الريح
رحلةً في اللا ممكنِ .. تأخذنا..
في هواءٍ غيرِ هذا الهواءِ
الموبوءِ بكورونا التربص..
أمنحكَ سهلاً أخضرَ .. أخضرَ
تمنحُن مطراً يرفعُ عني سنينَ اليبابِ
أكاد أموتُ الآن ..
وأنتَ تنسجُ لي كفناً ملوناً
يليقُ بما كان قد وعَدَ به الربيعُ
يليقُ بزخرفةٍ كانت ستزهو عمراً
على جداريةٍ أزليةٍ..
أنا لن أموتَ بالطريقةِ المعتادةِ أبداً
ففي موتي يتبرعمُ ألفُ نُسُغٍ
قَهَرَ الموتُ بسخرية الحياةِ..
ميرڤت أبو حمزة
من ديواني * كنتُ أرى *
لا شيء يعنيني ....بقلم ميرفت أبو حمزة / لبنان
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
27 فبراير
Rating:
كانت دوما يا فاتنة الحرف وسلطانة البوح مبدعة دوما تحياتي
ردحذف