لا أهاب الخراب ...و نصوص أخرى للشاعر المغربي المصطفى المحبو


لا أهاب الخراب ..!

كان الخراب
قريبا مني ببضع
زفرات ..
لم أتعجل الهروب
كان لي متسع من الوقت
لأنظر إلى حالي الذي لم يصرخ
في وجه الألم الذي كان
في كل مكان..

لم أتعجل
الصبية الذين يتراكضون
بالقرب من ناقلتي
لأني لا أهاب الركض
ولم أنس يوما ما
أني ركضت حافيا
طيلة صغري حتى أصبحت
أحب الحجر والوحل الذي
صار شبيها بوجباتي..

لم أتعجل النساء
الجالسات في الطريق
يوزعن أحاديث الحب بينهن
وقصص الليل بيد
أما الأخرى فمنشغلة بالبحث
عن الحصى الصغيرة وسط
حبوب القمح..

حتى الآن
لا أهاب الحجارة
التي تتساقط بالقرب من بيتي
لأني مرنت قلبي على الكوارث
أما الأشياء المزيفة
فلا تليق بمطبخي
وقد تحرمني من تحية جاري
وحارس السيارات الجميل
لهذا قررت منحها
قليلا من النقود وتركتها تهاجر
أينما تريد ... !!
•••••••••••••••••••

ما تبقى من روحي ...

لقد تورطت بما يكفي
لاتهمني مشاعر أشخاص طالما
سهرت أفكر كيف كانوا يُدخلون
الحصى في خرم بابي ..

تألمت بما يكفي
وأبلغني أحد حراس الحي
أنّ كائنات غريبة
تراقب بيتي ليلا
تحمل معها مياها
ترشها قبل أذان الفجر
يساعدها جنود اختاروا العمل 
بأثمنة تكفي فقط لشراء السجائر  ..

فيما مضى
سلمت نفسي لأشخاص
يتعاركون على مكان في الحافلة
يتركون أبناءهم عند الجيران
ويسافرون دون حرج
ورغم ذلك دعوتهم أكثر من مرة
لسهرة فوق سطح بيتي
حيث القطط نسيت آلات عزفها 
وطلبت مني أن أوزع القليل
من ألحانها على ضيوفي ..

الآن
لم يعد بإمكاني
إخفاء هذه التفاهات داخل غرفي
أو حتى بمكان ما في جيبي
لم يعد بإمكاني
تأجيل ساعة مصارحتهم  ..
سأشتري لهم معاول
من أسواق الحي القريبة
وأطلب منهم تحطيم ما تبقى من روحي  ..

                                       •••••••••••••

سأكون حذرا..!

سأكون
حذرا هذه المرة
لن أنشغل بالأمور التي
ضيعتني فيما مضى ...

حتى حذائي الذي أبهرني
في زمن ما
في صيف ما
اشتريت غيره ورميته
مثل لذة تافهة حصلت ذات يوم ..

سأعتني
بكلبة جارتي الأرملة
لن أنتظر عودتها
سأتكلف بتنظيف بيتها
وسأسمح لأشعة الشمس بالدخول
حتى تسرق بعض لحظات اللذة
رفقة ما تبقى من ذكرياتي..

سأكون حذرا
وسأجد لحواسي عذرا
حتى تتعلم
كيف تحصي رغباتي الكافرة
وتسمح لها بالمرور
من أصغر ثقب في الوقت..
حتى تتعلم كيف لا تنشغل
بأمور ضيعتني فيما مضى...!
••••••••••••••••••••••••••••

وقفتُ أمام حشود كثيرة
لم أتردد كثيرا
بدأت بتناول فطوري
واستمعت للموسيقى التي
واعدتني الليلة الماضية..
بعدما انتهيت
أخبرتهم بأن صوتي
لا يصلح للإلقاء أو الغناء..

لم يحدث تغيير هائل لأشعاري
هذا ما أشعربه لحد الآن
وأحاول دائما أن أعتني به
دون أن أفكر ولو مرة
أن أتركها تنام على الأرض
أو تبيت في العراء ..

أشاطركم الرأي
لن أطارد نصوصي
التي فرّت دون إخباري..
ولا أفكر في استعادتها..
سأتركها تتجول في
هذا العالم ربما يستفيد
من جمالها حمقى أو مغفلين ..
لكن ينبغي أن تعلموا
قبل فرارها بساعات
طلبت مني أن أجمع لها قبلاً كثيرة
تعينها على مصاعب الطريق..

الأرواح التي تسهر معي
لم تتعلم بعد تقشير البصل
لا تعرف كيف تنظف صحون القبل..
تحدثنا معا
عن الأخطاء والنسيان
عن الشعر والجمال ..
عن الوجود والطبخ..
عن الأرض والبحر..
تفاجأتُ حينما عرفت أنها
لم تتأقلم مع طرق طبخي..
وفاجأتني حينما قالت لي:
لا أحد سواك يفهم لغتي..
لا أحد سواك يستطيع تهريب مشاعري..
••••••••••••••••••••••••••••••••••••••○•

اليوم
سأسحر كل النساء
سأعلق شعري على باب بيتي
وأصعد فوق السطح
وأناديهن بصوت مرتفع ..
قصائدي ثمنها رخيص
أما إذا دخلتن بيتي
فسأحضّر وجبات ساخنة
وأمنحكن نزهة رفقة
قصائدي الوفية...

سأعتذر لكل النساء
سأعاقب الليل الذي
تلصص على نافدة قلبي
وهمس له بتفاهات قبيحة..
لم أتذكر كيف أقنعني بتمزيق
اللوحة التي رسمتُ عليها
أسماء الجميلات..
مجرد اعتذاري
سيضمن لي قلوبا
تساعدني على كتابة الشعر..

ماذا سيحدث
لو عزمت روحي لمكان ما..
لو أخبرتها بحقيقة جسدي
الذي لا يهوى مضاجعة التفاهات
أما البياض الذي تبتدعه قصائدي
فمجرد حيلة تنبهكم إلى بشاعة
زيف يتجول بالقرب من أحذيتكم
أما حذائي فاكتشف ذلك من زمان..

الآن سأتوقف قليلا
وسأرسم خرائط عدة
تساعد الجميلات
للوصول لقصائدي رفقة
حيوانات مهاجرة لم تعرف
كيف تتخلص من عطفها..
حينما يصلن
سأتوسل إليهن
كي يشترين قصيدة
أو يحتفظن بها حتى
أعود من رحلة هيأتها
رفقة مهاجرين ونوارس..
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪

ظلك الجميل..!

دائما هناك ..
تعالي وزريني كعادتك
ستجدين الحديقة
التي زرعناها معا
تنتظر قدومك..

ستجدين
كروم العنب
 تتدلى كما تركناها
منشغلة بكتابة كلمات
تليق بجمال شفيتك
الملأى بالشعر ..
وشعرك الذي مازال
منشغلا  بسرقة حنان الليل..

تعالي
وستجدين قلبي الذي
اشتهى رفقة الزهور ..
يقف حارسا أمام بابها
يقفله بهدوء
حتى لا ينكسر
ظلك الجميل..!!
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪

لا أحتاج
لمجهود كبير
لأبيع قصائدي ..
وحدها قادرة
على إقناع الغابات بالإنتقال
لتسكن بجوار بيتي
رفقة أمنيات هاربة من مجرات..

وحدها
قادرة على تحضير
حقائبها والسفر
إلى أبعد القارات
دون وصي أو ولي أمر ..

لا أحد يستطيع التجول
وسط سوق الحي
خصوصا بعد آخر خيانة
لفواكه ترغب في الهجرة..

أحيانا
أعرف أن الباعة
لم تسعفهم مظلاتهم للنجاة
من منفى بدون مباهج..
ومن مراهقين
لم يتعلموا لحد الآن
كيف يحترمون
مشاعر عربات قادرة
على إعالة أحياء فقيرة ..

لا تقف خلف الأبواب
لتتلصص على عاشقين
فكّرا في ارتكاب حماقة ...

أعتقد أني كنت مضطرا
حينما صاحبت الخيانة..
كنت مضطرا
لأن أبحث عن فرصة
حتى أجعل سفري ممكنا..
تأخرت بعض الوقت
لأجعل الأمر يبدو عاديا..

لم أكن
أرغب في اختبار ذكائي
وككل مرة بعت كل كتاباتي
حتى يجد صديقي بيتا يأويه
أو على الأقل ليسدد
ديون قٌبَلٍ مازالت على عاتقه..
▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪▪

قصائدي زارها الكثيرون
وفر منها باعة متجولون
وفلاحون كانوا يرغبون
في تجريب زراعة استعارات ..
سأعتبر أنهم لم يتعلموا كيف
يتجنبون الإصطدام بفخاخي ..

عادة تكون
لحظات الوداع كئيبة
لهذا لن أودع كتاباتي
لن أعانقها سأتركها تسافر
رفقة سفينة ابتسامات..

بالأمس
خرجت مساءً كعادتي
لألتقط نجوما تساعدني
على حلم جميل ونوم هادئ..
لكن جيراني أخبروني
أني أقوم بحركات غير لائقة
لا تساعد على حل مشاكل المارة..
سأعتبر أن ما سمعته
لا علاقة له بمجازاتي..
وأن ما ذكروه
ليس إلا أشباحا
تزورني في المساء...

جربتُ الكثير من الخلطات
سبق لي أن تلقيتُ
خطابات من غرباء
ومشردين من مجرات بعيدة..
لكن حينما
تسللتْ يدي إلى جيبي
أدركتُ أن آخر عناق لي
كان بسبب خلطة الحب البسيطة..
¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤¤




لا أهاب الخراب ...و نصوص أخرى للشاعر المغربي المصطفى المحبو Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 09 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.