إمرأة لاهية.. قصة قصيرة بقلم عيشة سكار / المغرب



ماذا يجدي نفعا ان تسكن حيا به الكثير من العقلاء ، حي لا يمكنك الصراخ به عند منتصف الليل أو حتي ازعاج الجيران الذين يغطون بنوم عميق بأصداء  صاخبة ، زقاق ليس به وكر عشاق او حانة مجانين تخرج من أفواههم رائحة القصص الميتة ، كيف يمكنك تحمل زوجة الجار الشديدة الاناقة تشعرني مشيتها انني خريجة مستشفى المهابيل ،  جيران يتلصصون باحترافية ...اشكالهم توجع خيالي المنحرف  انا التي اعاني من متلازمة فتح النوافذ عند الفجر ، هاته  الليلة احتاج زقاقا من روايات نجيب محفوظ ، تستهويني أعمدة النور  الشبه مكسورة ، المقاهي الشعبية المكتظة بدخان السجائر ... شرفة تطل منها فاتنة بسيقان جميلة ، بيت بأقصى الحي يسكنه وسيم غريب الأطوار ، بمثل هذا الزقاق يمكنك ان تصادف شخصا  تحكي له تفاصيل حياتك دون ان يشعرك بمقص الرقابة ، هناك فقط تحدث اجمل  الصدف الكونية ، ساهاجر هناك بحثا عن مغامرة أدبية ....

دخلت الزقاق الشعبي بخطوات واثقة ، اصطحبت معي كل الهزائم لاوزعها على رواد الحانة ، لفتت انتباهي سيدة بالستينيات .جلست في زاوية امام محل لبيع الملابس الداخلية .. تدخن بشراهة ملابسها رثة للغاية ، راقبتها لدقائق كانني ألخص مسيرة شعب بأكمله ، بعينيها بريق غريب تبدو لامبالية ، وقعت بحبها تلك المستهترة .. توجهت نحوها و انا خجلة ، وقفت أمامها مباشرة: سيدتي هل يمكنني الجلوس بجانبك ، أشارت الي بالجلوس دون ان تنبس بكلمة ، افترشنا رصيفا من النوع الرديء ... عقاب سيجارتها كان يشتكي من قبلة حارة ... من تكون هاته المرأة العابثة ؟؟ بحلقت بها للحظات ، فجاة التفت الي و رددت واش عمرك ما شفتي  بنادم؟؟ فكرت ان ادعوها لفنجان قهوة .. قبل ان اخبرها بادرت قائلة ،اسمعي ايتها الشقراء ان كنتي تنوين وضع صورتي على صفحات الفيس بوك فلن تحققي سبقا !!!  الكثيرون قبلك اخدو معي سيلفي و رحلوا ..  هل قرأت افكاري ؟
أخبرتها انني شعرت برغبة كبيرة بزيارة  هذا الزقاق ليلة أمس ، بما انني مجنونة رسميا قررت ان احقق هذا المقطع من نص كتبته .. بدت السيدة مستغربة فنبست انت ماشي حمقة راك هاربة من 36  ... انفجرنا ضحكا ،   و انا امد يدي لمصافحتها ..انا  عائشة ، ابتسمت و هي تسالني هل من الضروري أن تكتبي اسمي بنصك ،  وقفت لاجيبها : لا ليس ضروريا ابدا لكنني احببت وشمك و لون عينيك ربما ساطلق عليك لقب الثائرة ، خف توجسها قليلا لتبادلني الكلمات بانسيابية ، تكلمنا مطولا عن الحياة الحب الالم السياسية ..كرة القدم ، اخبرتني انها ليست من قاطني الحي ، هي تركن لتلك الزاوية تبيع السجائر بالتقسيط لرواد المقاهي و الحانة ، استغربت من طريقتها بالسرد تلك السيدة ليست امراة عادية !! بمنتصف الحديث امعنت النظر الي ثم قالت هل يروق لك تدخين سيجارة ... لا لا ... انا بحاجة لترسانة من المخدرات القوية حتى اخرج من الحي سالمة ...

ﻭﺟﺪﺕ ﻧﻔﺴﻲ ﺍﺣﻜﻲ ﻟﻬﺎ ﻗﺼﺘﻲ ﺩﻭﻥ
ﺣﺮﺝ
ﻛﻞ ﺍﻟﺘﻔﺎﺻﻴﻞ ﺍﻟﺼﻐﻴﺮﺓ ﺍﻟﻤﻮﺟﻌﺔ
ﺟﻤﻴﻊ ﺍﻟﻤﻮﺍﻗﻒ ﺍﻟﻤﺨﺠﻠﺔ ﺍﻟﺘﻲ ﻛﻨﺖ
ﺍﺳﺘﺤﻲ ﻣﻦ ﺗﺪﻭﻳﻨﻬﺎ
 ﻧﻈﺮﺕ ﺍﻟﻲ ﻣﻄﻮﻻ ﻭﻗﺎﻟﺖ
ﺍﻧﺖ ﺟﺒﺎﻧﺔ ﺍﻳﺘﻬﺎ ﺍﻟﺸﻘﺮﺍء
ﺗﺴﻜﻨﻲ ﺃﻏﻮﺍﺭ ﺍﻟﻤﺎﺿﻲ ﻛﻄﻔﻠﺔ ﺗﺨﺘﺒﺄ
ﻣﻦ ﺣﺮ ﺍﻟﻈﻬﻴﺮﺓ
ﺍﺳﺘﺠﻤﻌﻲ ﻗﻮﺍﻙ ﻛﻔﻲ ﻋﻦ ﺍﻟﺘﺒﺎﻛﻲ
ﺍﻟﻢ ﻳﻜﻔﻴﻚ ﻣﺎ ﻓﻌﻠﺖ ﺑﻨﻔﺴﻚ ﻃﻴﻠﺔ
ﺗﻠﻚ ﺍﻟﺴﻨﻮﺍﺕ
ﺗﻤﻠﻜﻴﻦ ﻛﻞ ﺷﻲء ﺍﻻ ﺍﻧﻚ ﺗﻜﺮﻫين
ﻧﻔﺴﻚ ﻭ ﺗﻌﺎﻗﺒﻴﻨﻬﺎ ﺑﻘﺴﻮﺓ
ﻣﻦ ﺍﻳﻦ ﻟﻬﺎ ﺑﻜﻞ ﻫﺬﻩ ﺍﻟﻮﻗﺎﺣﺔ ؟؟؟
ﺣﺎﻭﻟﺖ ﺍﻳﻘﺎﻓﻬﺎ ﻭ ﺗﻐﻴﺮ ﺍﻟﻤﻮﺿﻮﻉ ﻟﻜﻨﻬﺎ
ﺍﺳﺘﻤﺮﺕ ﺑﺎﻟﺤﺪﻳﺚ
ﻛﺎﻧﻬﺎ ﺗﺘﺤﺪﻯ ﻛﺒﺮﻳﺎﺋﻲ ﺍﻟﻤﺠﺮﻭﺡ
ﻭﺿﻌﺖ ﻳﺪﻫﺎ ﻋﻠﻰ ﺫﺭﺍﻋﻲ ﻭﻗﺎﻟﺖ
ﻻﺷﻚ ﺃﻥ ﺟﺴﺪﻙ ﺍﻟﺠﻤﻴﻞ
ﻳﺠﻠﺐ ﺍﻟﻜﺜﻴﺮ ﻣﻦ ﺍﻟﻤﺘﺎﻋﺐ
 !! ..ﻳﻌﺠﺒﻚ ﺩﻭﺭ ﺍﻟﻐﻮﺍﻳﺔ
 ﺗﻮﻗﻔﻲ ﺍﺭﺟﻮﻙ ﺍﻧﺎ ﻟﺴﺖ ﻛﻤﺎ ﺗﻌﺘﻘﺪين
ﺟﺴﺪﻱ ﻟﻢ ﻳﺨﺮﺝ ﺑﻌﺪ ﻣﻦ ﺍﻟﺸﺮﻧﻘﺔ
ﻟﻮ ﺗﻌﺮﻓين ﻛﻢ ﻗﺎﻭﻣﺖ ﺗﻠﻚ ﺍﻟﻤﺘﺎﻫﺔ؟؟
ﺣﺘﻰ ﻻ ﺍﻟﻮﺛﻪ ﺑﺎﻳﺎﺩﻱ ﻋﺎﺑﺜﺔ
ﻟﻮ ﺗﻌﻠﻤﻴن  ﺍﻧﻨﻲ ﻣﻦ ﺯﻣﻦ ﺍﺧﺮ
ﺍﻣﺮﺍﺓ ﻛﺎﻧﺖ ﺗﺆﻣﻦ ﺑﺎﻟﺤﺐ ﺇﻟﻰ ﺁﺧﺮ
ﻧﺒﻀﺔ
ﺍﺿﻊ ﻭﺷﻤﺎ ﻋﻠﻰ ﻛﺘﻔﻲ
ﻳﺬﻛﺮﻧﻲ ﺑﺎﻟﻬﻮﺓ ﺍﻟﺘﻲ ﺃﺭﺳﻠﺖ ﺑﻬﺎ
ﺍﻧﻔﺎﺳﻲ ﺫﺍﺕ ﻟﻴﻠﺔ
ﺃﺃﺳﺘﺤﻖ ﺍﻟﻠﻮﻡ ﻭﺍﻟﻌﺘﺎﺏ ﻭﺍﻟﺮﺟﻢ
ﺣﺘﻰ ﺍﻟﺤﻴﺎﺓ ﺣﺎﺭﺑﺘﻨﻲ ﻻﻧﻨﻲ ﺧﺮﺟﺖ
ﻳﻮﻣﺎ ﻣﻦ ﺯﺟﺎﺟﺘﻲ ﺍﻟﻤﺎﺳﻴﺔ ﻻﺩﻣﻦ
ﻛﻠﻤﺎﺕ ﺧﺮﺍﻓﻴﺔ
ﻻﺣﻠﻢ ﻭﺍﺗﺤﺪﻯ ﻣﺠﺘﻤﻌﺎ ﺑﻠﻴﺪﺍﺍﺍ
ﻳﻌﺘﻨﻖ ﺩﻳﺎﻧﺎﺕ ﻭﺛﻨﻴﺔ
ﻋﻠﻰ ﻛﻞ ﺣﺎﻝ ﺍﻧﺎ ﺍﻣﺮﺃﺓ ﻻﻫﻴﺔ
.... ﻳﺘﺒﻊ

إمرأة لاهية.. قصة قصيرة بقلم عيشة سكار / المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 09 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.