خارج كلّ الأشياء ...بقلم هيثم الأمين / تونس
أنت، الآن، بخير؛
تضع كلّ العالم داخل قارورة زجاجيّة عازلة للصوتْ،
لا تهتمّ لآخر بدع الموت،
تقشّر جلد الوقت من عوالق الضّجر فيك،
يحدثُ أن تغنّي
و قد تحاول البكاء !
و لكنّك، الآن، بخير؛
تسحب أنفاسا عميقة من أصابعك
ثمّ تنفث،
في وجه الليل المترنّح على حبال المغيب،
الكثير منك...
تعدّ الثّقوب في جيوبك
ثمّ تطلق،
على كلّ ثقب منها،
اسما و عنوانا و تاريخ وفاة...
تدلّك باطن خطواتك ليدور، في عروقها، طريقُك بشكل أفضلْ
و تترُكُ وجهكَ مكشوفا للرّيحْ
ليتساقط منك...
و لكنّكَ بخيرْ...
فأنت لست غاضبا، الآن
لستَ حزينا جدا، أيضا
و لستَ هنا فيك
فأنت خارج كلّ شيء الآن !!
أنت لا تفكّر في شيء؛
لا في القّطة التي تركت صغارها عند عتبة بابكْ،
لا في طريقة جديدة ترتّب بها نساءك اللواتي عبرنك دون كلمة حبّ واحدة،
لا في أظافر قدميك التي لا تصل إليها،
لا في وجبتك القادمة
و لا في هذا التّابوت الذي يحاصرك/ تحاصره !
ككومة قشّ تستعدُّ لقدوم العاصفة
تفتحُ ذراعيكَ
و تتناثرْ.
كمتعة لن تتكرّرْ
تُباعد بين رجليكَ
و تقفز في اللاشيءْ
و ككلّ الجياد التي خسرت السّبقْ
تنزع عن ظهرك سرجَكَ
و تلقي كلّ اللّوم على فارسكَ !
أنت بخيرْ؛
تضع الكثير من الصابون حول رقبتك
لتنزلق من حياتك دون صراخْ.
تضع الكثير من الصابون على يديكْ
حتّى لا تترك بصماتك على جثث قصائدكَ
و تضع الكثير من الصابون
على جسد حبيبتك العارية في ذاكرتك
حتى لا تخجل منك
و لتمارس ابتسامتها في وجهكْ !!
أنتَ لست مجنونا
فلا تصدّق أصابعهم المصوّبة نحوكْ
و لا ترتبك من الأفكار الطائرة التي تستعدُّ لغزو مجال رأسكْ
فأنت لست مجنونا
و لكنّك بخيرْ
خارج كلّ الأشياء
و خارجَكْ...
خارج كلّ الأشياء ...بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
16 مارس
Rating:
ليست هناك تعليقات: