العالم لا يحتاج لعناوين كثيرة و نصوص أخرى للشاعر المصري صلاح عبدالعزيز



العالم لا يحتاج لعناوين كثيرة
العالم فوضى
نصنع منها المزيد من التعاسة
يخرج الفرح منا
حزينا
اللهم اجعله خيرا
تقول النسوة حين يضحكن
تترقرق دمعاتهن
وينسحبن

هكذا نحن الرجال
فى الفراش حين نأويهن
نصنع من الفوضى بهجة
نعيد تنظيم الخلاء
محبتهن كافية لصنع أطفال
للحرب

لست سعيدا بما يكفى
لست مجبرا على الحب
لست مقتنعا بليال آخرها
صوت الطلقات
وأزيز الطائرات
حين تدلف تحتى
لا تهتز سماء
بل تتفجر
ولا يتوقف هدير الدبابات
كل ذلك الحب
للموت

وحين تنسحب منى
أغرق فى مستنقع
من الصحف البليدة
كلما صنعت بطولة
كلما هدنى النداء :
اللهم اجعله خيرا
وصوتها رنة منشرخة
تعيدنى للمقطع الأول

العالم لا يحتاج لعناوين كثيرة

.....................................

*

رمال من الوقت منهمرة
كل ذرة فى سرعة الضوء
لمشاجرة
لا تنتهى المشاجرات
مابين شارعنا والشارع المقابل
من أجل فتى
من أجل فتاة
من أجل ماء متسرب من شقة الجار
دع الفتى
دع الفتاة
علينا أن نصلح السباكة

علينا السلام
متى
ولنا السلام
أين
والعصافير تهجر شجرتى
والشجرة ورقها الدمع
والدمع مطر حمضى
وصاحبتى ما عادت بصاحبتى
الدخان كان رسائل
الدخان كان حبا بين القبائل
والطبول لم تكن طبول حرب
كان فرحا
متى وأين

مساحة الأزرق تتبعثر
قطعة فى المحيط
قطعة فى الصحراء
الهواء يبتلع قطعة
وحين نتنفسه يئن
صوت الأزرق من حنجرتى
منابع غاز
الأزرق يختنق
فيما أنا جثة أمام فوهة متحفزة

أطلقوا الأزرق من بنادقكم
عسى المتوسط منا
يرفع راية
أولم
أقل لكم
أيها الآدميون كلنا اخوة
لا تطعن أخيك
ولا تمد له مدية
لا تسرق
ولا تخن
إن فعلت قتلت الناس جميعا

.....................................

*

لا تفكر أن تصاحب شاعرا
يظل صامتا
ثم ينفجر
كلماته تملؤك حزنا
صاحب نجارا يعيد تركيب الأشياء
تأمل صنعته
ربما لن تجد فرقا
إذا كنت حزينا
النجارون يقتلون الأشجار
والشاعر يقتل نفسه

لذا
من الممكن أن تصاحب نفسك
بعيدا عن منغصات الحياة
تحمل قدميك على كتفك
للبراح إن هى اتجهت إليهم
أو تمشى على رأسك

وليكن شعارك أن لا وحدة
حتى فى الموت

لا تدفنونى فى مقابر عادية
مع الناس
بل
هناك على خط الأفق شجرة
تلوك وحدتها بأسنان لامعة
كلما قفزت ثمرة أكلتها
هى ستأكلنى

ضعونى تحت ظلها
عاريا منكم
كم كنتم لى كالملابس الضيقة
لا تخبروا النجارين عن شجرتى
التى زرعتها
والتى تنتظرنى
هى ستدعو العصافير
وتثمر كلمات
كلها فرح

فاسمعوا للعصافير
بعد أيام
جسدى سيكون فراشات
...............................

*

انظروا
تلك السحابات
كانت رفيقتى
لم تغادرنى
ولكَم أظلتنى فى هجير وحدتى
تركت حولى المعتوهين مندهشين
فى صمتى الصاخب
كم امطرتهم بتفافاتها اللزجة
تفرقوا كقبيلة وتجمعوا كنمل
كل كلامى صمت
وهم
على فرح الجوع
جسدى مائدة
وعرى عظامى مجمرة

تورطت فى محبة زائلة
تورطت حتى كدت اتبخر
أصبحت هواء معطرا
ثم سائلا يسيل فى كاساتهم
فى أول دعوة
أكلنى الجوعى

بعد عدة أعوام تجمعت
من الغبار والضوء
من أدخنة عالقة
ومن سقوف البيوت الريفية
وجدتنى قطرة ماء ببحر
وجدتنى بغيمة نافرة
وعندما حطت وجدتنى برعما
ثم شجرة تنبت بذرتى
وجدتنى أنا
ومن
فى كاساتهم دمى
ينتظروننى
.......................

*

كلماتى لعنة ملاك مظلوم
تظل من بيت إلى بيت
صارخة
فى القرية الظالمة
تظل من بيت إلى بيت
حتى تهجر البيوت سكانها وتفر
لا ساكن إلا وبيته يلفظه
و
لا بيت إلا ويتبرأ من دمى
لكم اللعنات يا قاتلى
لكم اللعنات كلما حطت كلمة
ضوأت ظلمة
وكلما طاردت ظلمة
تجمعت كلاب على
خنجر من الكلمات
من وضعه فى الظهر
من شد غمده
من أطاح بى
كلكم
فى الإثم سواء
أيها المجرمون دمى فى جباهكم
وكلماتى خنجر فى قلوبكم
أنا فى الموت أشد قوة
بكلمة ستكون يدى
بكلمة سيكون لسانى
بكلمة سأحيا وأنتقم
بكلمة ستكون مشنقتكم
كما بكلمة كانت مشنقتى

الكلمات مشانق
الكلمات خناجر
الكلمات موت نحيا به
الكلمات حياة
اذهبوا
أنتم طلقاء من كلماتى
اسامحكم
من تحت التراب

دعوا كلماتى تعيش

*

وكما يموت شاعر يولد شاعر
أنا الذى أحيا مرتين
على يد امرأة كان موتى
على يد امرأة كانت حياتى
ثنائية
كما الأرض
وكما السماء
معى الكتاب والتواريخ
والمداد
من نار ومن ماء
ومن بخار ويابس
تتشكل الحياة أولا
ثم تولد من رحم امرأة
تبحث فى طبيعة الأشياء
عن إنسانك القديم

سوتنى يد الله وتركتنى
كنت عارفا أن الجميل
يسرُّ
وأن الجمال له أسرار
فعلت الجميل
وكى يفرح أبى صنت الجمال
أبى يحبنى هكذا

ذاك عريى الذى يضج بالحياة

صلاح عبد العزيز - مصر 🇪🇬


  
العالم لا يحتاج لعناوين كثيرة و نصوص أخرى للشاعر المصري صلاح عبدالعزيز Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 16 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.