لستَ إنساناً ...بقلم ميرفت أبو حمزة / لبنان



لستَ إنساناً
ـــــــــــــــــــــــــ

تجري كنهرٍ لا يعرِفُ آخرَهُ
مع أنكَ تكرهُ الانحدارَ
تنحدرُ ..!
لستَ إنساناً بما يكفي
وربما لن تكون ..
حين تغرسُ أصابعَكَ بجرحِكَ
بينما تحاولُ تضميدَه
فيقيحُ ..
حين تشقُّ دربَكَ في الخطيئةِ
بينما تبحثُ عن الخلاصِ
فتغرقُ بها أكثر ..
عندما تنهشُ كفَّك ..
وأنت تأكلُ لحمَ أخيك
دون أن تشعرَ بالألمِ
أو بطعمِ الدمِ ..
دون أن تشعرَ برائحته ..
بالجيفِ العالقةِ بين أسنانك ..
لستَ إنساناً ولن ..
حين تفتحُ عينيك
على أمْسِكَ الدامي
ولا تردُّ الوقتَ من الموتِ ..
حين لا ترى الغدَ ومن سبقوكَ إليه ..
حين تذعنُ لصوتِ الشرِّ فيك
وتسوقُكَ غوايةُ الطريقِ
لست إنساناً ..
حجراً يعربدُ في وحلِ الحياة
وما من حكمةٍ بين يديكَ
ويداك ملطختانِ بالطينِ الأولِ
إبنُ الخطيئةِ الأولى ..
إبنُ ابنتِكَ  ..
وما من دليلِ يدلُّكَ على الحقيقة الخالصة ..
ما من بوصلةٍ بين يديك ..
ضائعٌ والشتاتُ فسيحٌ ..!
لا تعلمُ من أين غابتْ شمسُكَ
من أين قد تشرقُ ..
تغيمُ فيكَ ومن ينهزُ خطاك
حين أحجمَ الطريقُ
وحين خطا نحوك وتركتَهُ مشلولاً..
لستَ إنساناً إنما..
ظلالٌ لأناكَ
لا تنسلخُ عنها ..
ولا تسحبُها نحو الضوء ..
رازخاً تحت طحالبِ التخمينِ ..
تفتحُ طالعَ الشمس..
بحجارةِ النجومِ المندحرةِ
تلعن الضوء حين لم ينتظر
وحين لم يرفعْ عنك عتمةَ الآتي ..
لستَ إنساناً ..
وأنت تنظرُ للعالم
على أنه أبدٌ ملتهبٌ ..
لك فيه حطَبُ الأولينَ والأخرين ..
سيِّدٌ على عرشٍ من دخان
ترتفعُ على كفوفِ الريح
كسحاب عاقر..
مرآتُكَ لا تتعرفُ عليك
فتصرخُ لستُ أنا ..
لستَ إنساناً ..
إنما لعنةٌ أصابتْ بؤرةَ الكون
تكسو شيطانَكَ بجلدِكَ
ويكبُرُ فيك ، وتقهرُ به ..
لك المجدُ ..
لك المجدُ ..
ولا ربَّ لك إلاكَ ..
لستَ إنساناً ..
ولا قدَرَ يسوقُكَ لتبصر نورك
ولا خيرَ يعبرُ منك إلّا ليصبحَ شرّاً ..
يأخذُ حِصَّتَهُ منك ..
تأخذُ حِصَّتَكَ منه ..
لستَ إنساناً ..
ويستحيلُ أن تكون
طريقُكَ ليس سهلاً ..
ليس صعباً ..
لكنه غيرُ سالك
لا يهمُّكَ ..
لا تحاولُ .. بل لا تريدُ ..
لا تعرف نفسكَ .. لا تعرف الله..
من يكونُ اللهُ .. من يكونُ ..
كان العمر قصيراً جداً
لتتعرَّفَ عليه..
وبين الصرخةِ والصرخةِ
لمْ تكنْ حياةٌ بل مسرحاً لشهواتكَ ..
وأنتِ أيتها الروحُ الدّبِقة
شُقِّي خلاصَكِ ..
شُقِّيه بما لديكِ من حُجُبٍ
بما لديك من رفض
سلامُ اللهُ عليكِ
وعليكِ السَّلامُ ..
وأنتم أيُّها الشيوخُ المستذئبون ..
الشيوخُ الكهنةُ ..
الشيوخُ والمُلْتَحونَ بهيبةِ الشيوخ ..
لِمَنْ أرَقْتُمُ الشموعَ..
لمن رفعتُمْ صلواتِكُمْ
مِنْ أينَ تأكلون ..
لِمَنْ تتصدقون ..
هل ما زلتُمْ جياعاً
هل بينكم من يعرف الله
والكتبُ العتيقة
هل أكلتُموها..
هل تقيَّأْتُموها ..
متخمةٌ نفوسُكُمْ بالألوان
ولونُكُمْ واحدٌ..
طريقكم واحدٌ
والأسود سيدُ النكران
لماذا كلُّ هذا السوادُ ..
لماذا كلُّ هذا السوادُ ..
واللهُ أبيضُ ..
والنورُ أبيضُ ..
وأنتَ يا الذي لستَ إنساناً
تتكرَّرُ في جسدٍ من طينٍ
تعبُرُ الأنسابَ بروحِ أثير
تتغيرُ ملامحُكَ وأنتَ أنتَ
غارقاً بما فيك
لستَ إنساناً..... تأكَّدْ
ما دمتَ كزنبركٍ في ساعةٍ
عبداً لسلطانِكَ
خادماً لسيدِكَ ولو كان شيطاناً
غِمْداً لسيفِهِ مهما ظلم ..
مهما تجبرَ وحكم ..
لستَ إنساناً..
غباراً في سديمِ المدى
تعكِّرُ صفوَ السماء
لستَ إنساناً..
بل دودةٌ في أنفِ هذا الكون
والكونُ أخيراً
أُصيبَ بلعنةِ العطاسِ ....

ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
ميرڤت  أبوحمزة
من ديوان * كنتُ أرى *
لستَ إنساناً ...بقلم ميرفت أبو حمزة / لبنان Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 23 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.