من أغاني الرّيح ....بقلم هيثم الأمين / تونس
لا سُفُنَ هنا
تحوك السّفر لبحّارة ينامون على رصيف الميناء
و يحلمون بجوع أقلْ.
لا توابيت هنا
تمنحُ بيوتا لمن أضاعوا مفاتيحهم
و الطّريقْ.
لا قطارات هنا
لتمنح رجلا وحيدا
نافذة
تطلّ على المسافة
و على انعكاس وجهه على الزّجاجْ.
لا حانات هنا
لتحتسي أحزان الغرباءْ
و العالقين على حافّة الموتْ
ثمّ ترقصُ
و تضحكْ
حتّى إن دقّت الأبواب الموصدة
و تعرّت الطاولات لتستريحْ
تقيّأتهم جميعا
لتستعدّ لقادمين جددْ.
لا سكاكر هنا
لتُعيد مذاق الطّفولة لفمي
و لتدسّ الفرحَ
في فم طفلٍ عمره آلاف الخطوات على الرّصيفْ.
و لا شعراء هنا
ليقيموا تأبينا يليق بامرأة بدينة الحزنْ
و ليبيعوا قصائدهم
لأسراب الحمام
و للوسائد الباردة.
متعبةٌ هذه الطّرقاتْ
و كفّي الممسوحة الحظْ
و وجهُكِ الذي
مازال يبحثُ عنكِ
في واجهات محلات بيع الملابس النّسائيّة
و في رشّة عطر،
على ظهر يدك،
يُهديها لكِ بائع عطر ظنّ أنّك امرأة تذهب للحياة/ الموت
بكامل أناقتها.
متعبةٌ هذه المقاهي
التي
ما استقبلتنا يوما
و كلّ هذه الأرصفة التي
ما أطعمتها حذاءك ذا الكعب العالي
و أصابعي
متعبةٌ.
لا شيء هنا؛
لا أنتِ،
لا الجدران التي
تثرثر بأسماء العاشقين و بالشّعارت،
لا الحقائب التي تسافر كثيرا
و تعودْ،
لا المحطّات التي
لا تكنّس مناديل الوداع عنها أرملة شابّة تحمل على ظهرها عشّ عصافير،
لا المذياع الذي يُجيد اختيار الأغنيات
لتناسب مزاجنا/ حزننا/ فرحنا القليلْ
و لا، حتّى، أنا.. هنا.
و كلّ هذا الفراغ الذي
يعجّ باللاشيء
متعبٌ جدّا
...
و لأنّهم
لا يحبّون النّصوص الطّويلة جدا؛
لن أتوقّف هنا،
بل
سأقف هنا
كحجر كيلومتريّ لا يحمل اسم مدينة
و لا عدد الكيلومترات المتبقيّة للوصولْ
و سأنتظرْ
أن ترتطم بي سيّارة يقودها رجلٌ ثمل يفكّر في الانتحارْ
أو قدومكِ
أو
سأغنّي مع الرّيحْ...
من أغاني الرّيح ....بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
16 أبريل
Rating:
ليست هناك تعليقات: