حيث كل شئ أبيض ..بقلم محب خيري الجمال / مصر
محب خيري الجمال
مصر
***
. حيث كل شئ أبيض
في الطرقات المعدة للحريق،،
أرتب العري كمدرس مُحنك ملتزم بجدول الحصص
أُشيد درعا عازلا لأثداء القصائد،
القصائد التي تنسى نفسها
كمحاولة بائسة بالاحتفاظ بلحظات الصدق في البكاء
البكاء الذي يتدحرج بعمق الحكمة وخبرة الوجع
والذكريات الحنونة والجحود الرخيص للوحدة،
الوحدة التي كانت رفيقا نقيا يخربش ضلوع القصائد
بموعظة الصمت وعض أظافر الضوء،
قبل السقوط الأخير في مخيلة النسيان الفادح،
القصائد التي يقولها الولد في لوعة،
ويعرف أنها لا تنتمي لكد وتعب الشعر في أرض الغربة،،
الولد الذي يخبئ تحت أظافره تلا من طين الرغبة
وتحت قدميه لغما يقيم معه
كحياة بائدة بين أنياب كلب مسعور،،
///
القصائد التي تتطوع من تلقاء نفسها
وتستيقظ مبكرا كل صباح على شقوق العناق
لترى كل ما يمكن حمله من قيظ الروح،،
الروح الراكدة كبركة ضحلة متعفنة بالتماسيح الميتة
وحفلات الإعدام الجماعي،،
القصائد الشاذة المنحرفة التي يضيق الرب
من تناولها في الأسواق
ويلعنها على ملأ من الملائكة الطيبين،،
لا تنفع أبدا في ترتيب وجع القصائد على أرفف من ثلج الوحدة
وتعب الذكريات الملعونة،،
///
لا شيء يبدو حقيقيا بالمرة
في المرات النادرة فقط من حياتي اليابسة والقليلة
التي أقول فيها الشعر!
لا أهتم كثيرا بالدور الذي ألعبه في القصيدة،،
فأنا لست قديسا لأكتب عن الرب وملائكته الذكية،
ولا عن هذا الإله الذي يجلس في السماء
وتحت قدميه دماء مراقة،،
ولا أدعوه على العشاء لوضع حل لتلك الضيقات والكوارث القذرة
التي ترفس جسد العالم بحوافر نجسة بلا نهاية،
لا أخطط على أي حال لتهذيب الكلام ليخلو من نوبات العقد النفسية
المصاحبة لهذيان الشعراء المعتاد،
فقط بأسناني المتسخة باليأس أجر ذيل وجهى من ورطة النصوص الحادة
وحماية البكاء المر من التحديق في اللاشيء،،
///
لا يشغلني الحصول على لقب شاعر،
لقب ربما يأتي على هيئة مصاصي الدماء،!
أو عامل نظافة في ثلاجة الموتى،،
لست مهتما بالكتابة عن الأرداف السمينة والمشدودة،،
أو النهود التي عصرها الشعراء،
حتي صارت كحبة عنب سوداء ويابسة،
أقدم كل ليلة واجب العزاء للهوامش
ولمنظرين النصوص الايروسية المحرجة،
أشكر جثتي التي تنام كل ليلة كإوزة في قاعة التحنيط
ولا تلتفت للمؤخرات السمينة في دكاكين الوطن المشوهة،،
لست مهتما أبدا بمهارة مص اللسان
حتى يصير هو والقلب كتلة واحدة من الآهات
دون الالتفات لتعليمات أطباء الأسنان عن مخاطر أمراض اللثة،،
لست مهتما على الإطلاق بتركيبات أحمر الشفاه
ولا الحديث عن القبلات السامة والرموش الصناعية التي تقفز في القصائد كأعشاش ضائعة في ركام اللغة
ما زلت بخير مطمئن القلب جزئيا
كألسنة نار كسولة وواسعة العراء،،
لم تبتليني القصيدة بعد
بالحديث عن الأعضاء الجنسية،
وكيفية الخضوع لألم الخصيتين المرعب،
أو عن الحب المدوي الذي يذوب في عناق الفراش،
هذه أشياء لا تفي بالغرض أبدا،
ولا تشبع القلوب الجائعة للحب ورخاء الفكرة،،
فقط بقبضة واحدة من رماد الأيام
يمكنني خنق الجروح وكتم الدم
قبل اكتمال السطر الأخير من فرك ودعك العتمة بالخل والملح
ومكافحة البكاء بماء الانتظار الذي لا يجيء كما جرت العادة دون شاهد أو دليل،،
///
لم أخض حربا تقليدية في حياتي،،!
أشاهدها كغيري ولا أكلف نفسي عناء مسح شلال الدم والدموع في شاشات العرض
فقط كغيري أدير الريموت على فيلم كرتوني
يشرح كيفية ممارسة الجنس الآمن
كعلاج سريع لاضطرابات النفس البشرية
وانتهاء الحروب من هذا العالم قليل الأدب،،
///
في النهاية،،
أنا مجرد رجل عادي جدا،،
تأخر عن ممارسة الحب،،
ربما لخلل ما في عضلة اللغة،،
أو لعيب ما في درجة حرارة العناق،،
أو لشيء لا وجود له بالضرورة،،
ربما لأنني لا أملك صوتا حقيقيا لوصف الروح،
لا أعرف حقا كيف يسيل الماء المالح في الزور!
حين يلفظ قلبي اسمك في قصيدة تعبة وحزينة،
عموما أنا الآن أكثر صخبا،،
بجسد قليل وخفيف وكثير الأخطاء
أُعد للقصائد مائدة عامرة من طعام الروح،،
وحينما يهزمني الخلاف أمزقها في أقرب صندوق قمامة،
وأذهب بالحياة للنوم كمفتتح للفوضى،،
///
أنا أعمل الخير دوما
وأنحني أمام القصائد بطيبة مطلقة،
بطيبة أب يخاف على أولاده
من التزوير في المحاضر،،
من الغش في بنوك الحيوانات المنوية
وتجارة الأعضاء البشرية،،
من الغش في الخلطة الخرسانية الصماء،،
من الغش في بناء المحبة،،
من الغش في ضفائر الوطن التعيس،،
من الأيام وفيرة الأحزان،،
من كل الهراء الذي ينمو في الهوامش،،
بطيبة مثالية ومناسبة جدا لريعان هواجسي
أنحني ككفيف يلتقط هياكل العتمة
بيد مرتعشة ولذة يائسة ويرحل فيمالا يعرف،،
....
محب خيري الجمال
مصر
حيث كل شئ أبيض ..بقلم محب خيري الجمال / مصر
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
16 أبريل
Rating:
ليست هناك تعليقات: