هلوسات الخروج ...بقلم هيثم الأمين / تونس
هلوسات الخروج
ــــــــــــــــــــــــــــ
الغرفة ضيّقة جدّا؛
ضيّقة كصدر يختنق صمتا،
ضيّقة كمفاجأة معتادة
و كرحم قطّة يعجّ بالأجنّة
و أنا
شاسع جدّا
كمقبرة جماعيّة
أو كحزن قوميْ.
الأرض رخوة جدّا؛
رخوة كمحّ بيضة نصف مقليّة
و أنا
لستُ نملة لأعبر دون أن أغوص في المحْ.
السّقف
يضحك كثيرا
كرجل مزطول نسي اسم زوجته
و نسي مفتاح البيت
و نسي يديه في عناق قديم
و أنا
بقعة زيت محترق تبوّله محرّك على الاسفلت
فكيف أصير فقّاعة
لأطير؟ !!
يُشبهُني/أشبهُهُ
الحذاء المكسور الكعب في خزانة امرأة ثريّة؛
يُشبهُني/أشبهُهُ
المعطف الوثير في الصّيف؛
يُشبهُني/أشبهُهُ
الرّصيف العاري من الخطوات زمن الحربْ
و يُشبهُني جدّا
الطفل النائم تحت ركام محلّ بيع الحلويات.
أنا لم أتذوّق، يوما، نبيذ الحانات
و لكنّي سكرتُ كثيرا ... في الغرف الضّيقة
و سكرتُ كثيرا جدّا
في الصّور الحزينة
و خلفي.
أنا لم أرقص، ليلة، في ملهى
و لكنّي رقصت كثيرا على جمر نساء محترقات
و رقصتُ كثيرا جدّا
على أصابعي.
لو أنّي أُجيد الخروج منّي؛
لو أنّ بطني أقلّ ضخامة لما علقت فيّ كلّما أردت الخروج؛
لو أنّ رأسي كانت إبرة
لفقأت عين الفكرة و هربت من ثقب الباب
و لو أنّي خارجي الآن
لصرتُ شاعرا
أو ضفدعا سعيدا
أو منشفة خاصّة بامرأة لا يأتيها وحي الشّعر إلّا تحت الدّش
و تكتب كثيرا.
أحتاج مطرا أقف تحتهُ عاريا تماما؛
أحتاجُ مطرا لا يعتبر عريي فضيحة؛
أحتاج مطرا
يبكي نيابة عنّي
لأخرج منّي
بحزن أقلْ.
هلوسات الخروج ...بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
27 مايو
Rating:
ليست هناك تعليقات: