ثلاث تذاكر سفر ...بقلم هيثم الأمين / تونس




أنتَ بخيرْ؛
تلعق جرحك ككلب مدرّب على العبور
تحت الأسلاك الشّائكة
و لا تهتمْ
لجلدك المعلّق بأسنان السّياجْ.
أنتَ بخيرْ؛
تُفصّل من البرد ثيابا جديدة للعيدْ
و تشرَبُكَ ككبسولة لعلاج الاسهال
أنتَ الذي
تسْهَلُ من أمعاء أحلامك بغزارةٍ
و أنتَ الذي
لا وجه لكَ ليستقبل العيدْ.
أنتَ بخيرْ
و كلّ أحلامكَ صارتْ
علبة سجائر لا تنفدْ
و اشتراكا لا ينقطع توفّره لك شركة اتصال وطنيّة.
يا ظلّي الوحيد،
مثلي تماما،
لا رصيف يحمي خطواتنا من الكساحْ
و بائع التّذاكر في محطّة القطار
مازال يصرّ أنّنا اثنانْ
ثالثنا غبار لم يبلغ بعدُ سنّ المسافة
و أنا
لا أملك إلّا
ورقة واحدة من فئة الأربعين حزنا
و بطاقة شحن لتعزيز رصيد عينيّ من البكاء.
كن غجريّة يا ظلّي
و ارقصْ
تحت هذه السّماء الحائضْ.
لا تخفْ !
سأجعل لك من قشّ الحكاية نهدين
و سأخيط لك
من جلدي فساتين مزركشة
و لا أحدَ
سيكتشف أنّك لست أنثى
و لا أحد
سيكتشفُ أنّك تشبهني كثيرا
و أشبهُكَ قليلا جدّا.
كم من الجوع بقي معنا، يا ظلّي
ليستقبلنا، مقعد في حديقة عامّة، بوجه بشوش
و حتّى لا نشبع فتطاردنا حاويات القمامة؟ !
كم من العرج بقي معنا
حتّى لا تنبح في وجوهنا الأحذية الحافية من الأقدام
و حتّى
نصل، لمرّة واحدة، متأخّرين،
عمدا،
لمواعيدنا الملغيّة؟ !!
و كم بقي منّا، يا ظلّي
لنطوي المسافة كسجّادة ما عادت تصلح للصّلاة
و نقلع عن المشيْ
فنصير شجرتين على رصيف يعاني من الحمّى
أو
قرّادتين
تنعمان بالعيش في فروة كلبة مدلّلة؟ !!
هات ظهرك يا ظلّي
لأحكّه لك
فتضحكَ
و أضحكْ.
هات رأسك يا ظلّي
لأبترهُ لك
فتصير خفيفا جدّا
و أصير ظلّك الخفيفْ
و هات صدرك
لأتوسّده و أنام؛
فأنا متعبٌ جدّا
و أنتَ،
مثلي،
لا تملك ثمن ثلاث تذاكر سفر.
ثلاث تذاكر سفر ...بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 29 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.