في حياة ثانية ....بقلم عامر الطيب / العراق



في حياة ثانية
ولدتْ امرأة مثلك على استعداد أن تهب
أي رجل ثقة جيدة ،
تخبره أنها ملكته لكنها مألوفة و طيبة
يمكن أن ترسم له الخطوط الطويلة قائلةً :
لا تقف بموازة ذاك الخط
لا تزيله أنه حبنا
لا تعبره أو اعبره ببطء .
و لم تكن هذه لعبة
إنها طريق قصير من الحجر الصلب
قدر لها أن تقطعه
أيام ما كانت البيوت الطيبة نائيةً
و أحذية البشر من الإسفنج !



لا يعني الحب أنْ تحكَ
يدي مقابل أن أحكَّ يدك
فنرتاح معاً معتبرين أن حاجة متوترة
 ستدفع أحدنا الآن أو آجلاً
ليتوسل الآخر قائلاً بملامح منتحبةٍ :
من فضلك إن كان بإمكانك
أن تحك يدي للمرة الأخيرة
برفق و بقوة أيضاً إن شئتَ .
و لو اعتبرنا الحب ممارسة مماثلة بالضبط
فقد آن الأوان لأشطب على هذا اليوم
في الرزنامة
و أحكّ يدي بيدي!



لا تطيلي النظر إلى ظهري
إن التفتُ أنني أخجل
و أخاف أيضاً
أشعر أنها نهايتي ،
كل مكان نتطلع نحوه بإستمرار يصبح هاوية.
توقفي عن مقاطعتي
و ارفعي عينيك قليلاً
لقد بدا حبكِ لذيذاً في التخيل
و أعتقد أنني سأتدحرج
عندما أفتح عيني !





ضع يدك على صدري
كما وضع موسى يده على الجبل
بإرتجاف،
رفع بصره نحو السماوات
فكانت عالية هذه المرة
لكنه واصل المشي مرعوباً
وما إن اهتزت حياته بخشوعٍ
 فهم اللغزَ :
إن الحب لا يرى،
إن وحشة الآلهة تحاصرنا دائماً
لكني أطلبُ أن تضعَ يدك
على صدري
لتعتاد !



لماذا أؤلف كتاباً عن البحر
إن كنت لا أعاصره قريباً من نافذتي ؟
و مع تلك الرغبة البعيدة
ظللت أفتح النافذة
مراراً
على أمل أن يتكون بحر ما صدفة
 هل يحدث ذلك؟
أسأل اليونانيين و الفراعنة و الأعراب،
لا أحد من الموتى
يمتلك جواباً كافياً.
لكني لن أتوتر
ثمة صدف أحنّ من تكوّن البحار
حدثت في السابق
من أجل تأليف الكتب!



مرآتي حجرة مسندة على الحائط
لمّعتُها بما يكفي
و صقلتُها حتى بدت ناعمة .
هذه ليست ملامحي
هذا تاريخ تعبي
لا عيون و لا أصابع ولا أزرار .
غبار فقط
إن انكسرت مرايا الزجاج
تشوهت ملامح المرء
أما مرايا الحجر التي اخترتها
فقد انكسرت ثلاثين مرة
و لم تجرحني!



جرب أن تضيعَ شيئاً عن عمد
لتنساه ،
خذ هذه البندقية المرحة
و اقذفها
وراء الدولاب 
ستتذكر ذلك دائماً
لكنك ما أن تفعل اللعبةَ بعفوية المحبين
المجروحين
سيكون الأمر شاقاً
و لنفترض أنك أتلفتَ
هذا المشط الخشبي صدفةً 
فستعتقد غالباً
أنك قذفته وراء الدولاب أيضاً !



لو خيرك رب الأرباب منذ البدء
تصيرين إمرأة أو لا تصيرين ؟
ستكون أمامك
لحظات قصيرة لتطلبي
منه ما إن كان الخيار الآخر
رجلاً أو شمعة أو بحيرة ؟
ما إن كانت حياتي ستكون أقصر
أو أطول بقليل من حب النساء
في البيوت؟
ما إن كنت سأكون مملوكة أو سائحة؟
ما إن كانت قدماي، ثدياي
فمي و بطني
ما إن كانت يداي ستكونان لي أيضاً
إن كنت امرأة أو لم أكنْ؟
أسأل أخيراً ما إن كنت سأعيش حنونة
أو هادئة فقط ؟
حسنا أنني أدع الخيار لرحمتك
لكن حاول أن تسندني
عندما يصير الرجال الذين أحببتُهم
أبشع من أطفالي!





قال المسافر القديم
وقد وضع قدمه على مكان هش:-
الله ما أحق بغداد بأقدامنا
فنبههُ المرافقون:
لم نصل بعد
أننا في الطائرة .
بعد ساعات أعاد العبارة
فصححوا له الأمر أيضاً
بعصبية منزعجة:
 " نحن في الجو ".
تشعبتْ طرق العراقيين جميعاً
و ها أنا أسألكم نيابة عن هذا الرجل فقط :
كم ساعة بين بغداد و المدن البعيدة مثلاً ؟
 لا أعرف بدقة
لكني أنني أشعر أن أقدام المسافر
 يجب أن ترتاح !

عامر الطيب
في حياة ثانية ....بقلم عامر الطيب / العراق Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 28 مايو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.