لا يلزمني كلامٌ عابر ..بقلم عامر الطيب / العراق



لا يلزمني كلامٌ عابر ، لقد مضى من حياتي
أقلُّها و صارتْ لي القدرة على الصراخ
و تحطيم الأواني الفارغة
بتلقائية أبطال الأساطير،
عملي واضح الآن و مهامي اليومية تناسب
اللعبة التي تبتكرينها
فليكن حبك نهاراً طارئاً
يغير العادة باستمرار
أو يضعني بمأزق لا يمكن توقعه
كأن أنزل فجأة في الغابة
كبشر طويل بذراعي نحلة
يمكنني أن أبكي مطولاً عندئذ
فتنجز دموعي النسيانَ بنفسها
لأن يدي الرحيمة لا تصل إلى عيني !



بدأ عمال الهواتف
يفرغون الأشياء العامة ،مكالمات عابرة و حنين فائض و مجهول .
تم تسجيل كل شيء على أنه هامش
يجب نسيانه
و ستتم صناعة هواتف ثانية.
و إن بقي كلام عالق
فيفترض التخلص منه على الفور.
كان ثمة عامل ذكي
استطاع أن يتتبع كلمة صغيرة
وجدها تقفز مثل حشرة
من شاشة إلى شاشة
انتبهي لهاتفك جيداً
لعلها الكلمة التي ستعلق بأصابعك الآن!



بكى رجلان من بلدين
في الوقت ذاته بسبب خطأ في البحث 
عما قصدته امرأة
كانت تتحدث مع كل أحد
منهما بلغته .
بالغ الرجل العربي بحبها
و فسر مجازها العابر على أنه حقيقي
و سيحدث في يوم ما
فيما كان الرجل الآخر هادئاً
إلا أن الحزن الشفاف ينقل العدوى .
يا إلهي
لم يبدو البكاء عربياً بالنسبة لنا
و عربياً بالنسبة لبلاد الرجل الآخر أيضاً ؟!



سبقتُك إلى المكان الذي تتوقعين
أن تكون بدايتنا منه.
سحبتُ كرسياً لك فجلستِ
لكني تصرفتُ كالرجل الغريب الذي ستحبينه .
نظرتِ بفجاجة ثم بهدوء
ثم بثقل
ثم انصرفتِ.
و في اليوم التالي فعلنا الأمر ذاته
و هكذا بدأت حكايتنا تتراكم
مع الكرسي ذاته.
كرسي خشبي في المدخل
إنه نقطة هائلة من الماضي الذي يجف
ليتصلب .
و عندما بدا لي أن حبك جوهر زائل
اعتدتُ حياتي برتابة مريحة :
أسبقُ العالمَ بالتواجد في المطعم
و أسحب الكرسي الأول
لنفسي!



ليس لهذه الوردة الصغيرة
من العالم غير حياة واحدة.
 فهي غير خيالية مثلنا .
ولن يسعدها إن كانت ستعود ذات يوم
ثانية في مكان ما .
حسبها هذا الصباح التي تتفتح
به،
هذا الصمت الذي يصيرها كعين امرأة زرقاء .
أي مجاز ذلك الذي يجعلها
كعين امرأة؟
فإن غطسناها بالماء تماماً
انتهينا إلى عين المرأة التي تغرق بالدمع !



على هامش صغير من مروري
إلى بيتي رفعتُ عيني نحو نبتة في أعلى الجدار
كيف شقت طريقها
مطمئنة كأنها على الأرض ؟
فعلتْ ذلك لأنها حياتها
و ليس لأنه الحب
لا أعني أنها لو أحبتْ لماتت
أو لشقت حياتها في جدار أشد صلابة.
أعني أن الجزء الأهم من حياة الحب
لا يرى
حيث تشق الجذور وجهتها إلى الأسفل!



ساعة صغيرة مثل حياتي
اعتبرتُ الدقيقة الواحدة يوماً و حاولت أن أزنَ
محبتي لك لثوانٍ و محبتي
لأسابيع جافة
و كان بعد ذلك وقت انتظارك
تحت مظلة في شارع طويل
مر الناس صغاراً و موتى و مصابين
ولم أتحرج من كوني الوحيد هنا.
السماء لا تمطر كما ينزل الدمع
و ما يحدث بعد الهدنة سيكون قاسياً
لكني لمستُ الدم قبل أن أتلمس حرارة الخنجر
عرفتُ الزمن قبل الكلمات
و عشت ساعة واحدة
لإختبار حياتي كلها !



كل هذا لأني أحبكَ
كل هذا لأني أحملك كما أحمل جسدي وأنا متعبة بالكامل.
وضعتْ الحكيمةُ أسماء الذين أعرفهم جميعاً
بكراتٍ صغيرة في صندوق
معتم
و بدأت تسحب الكرات من أجل طالعي
عندما سحبت بعينين مفتوحتين 
لم تجد اسمكَ
و عندما فعلتْ ذلك وهي
مغمضة العينين
خرجتْ الكرة التي تحمل اسمك
آخر الأشياء!

عامر الطيب
لا يلزمني كلامٌ عابر ..بقلم عامر الطيب / العراق Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 17 يونيو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.