رسائل انتحار ...بقلم هيثم الأمين / تونس
رسائل انتحار
ـــــــــــــــــــ
أنا.. لا أصلُحُ لشيءْ؛
أعود، دائما، من الحزن متأخّرا جدّا،
أُعدّ وجبة فرح خفيفة
ثم أتركها لتبرد قليلا
فالطبيب قد منع عن قلبي وجبات الفرح السّاخنة
و لأنّي، دائما، أعود من الحزن منهكا جدّا
فإنّي أنام قبل أن أتناول وجبة الفرح
و حين أستيقظ،
في الحزن التالي،
تُخبرني وحدتي أنّها التهمت كلّ وجبة الفرح !!
جاري، ساعي البريد، الذي لا يعرف اسمي
يخبرني،
دائما،
أنّه لو كان كلّ سكان المدينة مثلي،
لا أحد يرسل لهم شيئا،
لكان أسعد ساعي بريد في العالم!
و المحطّة التي لا أنتظر فيها أحدا و لا أحد، فيها، ينتظرني
تستقبلني، دائما، بحفاوة كبيرة
و أحيانا توشوش لي:
لو كان كلّ روّادي مثلك
لما انكسر ظهر رصيفي و لنمت لوقت متأخّر جدّا دون أن تزعجني القطارات! !
وحده النّهر
كان يلوّح لي من أقصى المدينة
و يدعوني لأن أعمل عندهُ سمكة! !
كتب رجل مهجور قبل أن يلتحق بعمله لدى النّهر! ! !
أنا... لا أصلُحُ لشيء؛
منذ عشرين عاما و أنا أعمل حانة
يأتيني رجال كثيرون و نساء كثيرات
فيبكون على صدري
و يتقيّؤون أحزانهم على أثوابي
و حين ينفدون
يغادرونني ضاحكين
دون كلمة شكر واحدة
و دون أن يسمعوا، مرّة، أنين كراسيَّ،
دون أن ينتبهوا، مرّة، لنشيج طاولاتي
و حتّى عويل مرحاضي... لا أحد يسمعه!
كتبتْ امرأة للإيجار قبل أن ترمي بنفسها من قمّة وحدتها! ! !
أنا.. لا أصلح لشيء؛
كتب مهرّج حزين ثمّ غاب في اللّون الرّمادي!
أنا.. لا أصلح لشيء؛
كتب حذاء،
عالق في الخزانة منذ أن توفّي صاحبه في حادث سير،
ثمّ لفّ خيطه حول عنقه بعد أن فشل في تقطيب جروحه!
و أنا.. لا أصلح لشيء
...
رسائل انتحار ...بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
26 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: