التمثال العاري ...بقلم هيثم الأمين / تونس
التمثال العاري
ـــــــــــــــــــــــ
الرّجُل الذي حبسني في المرآب لخمسين عاما
لم يكن يكرهني
و لكنّه كان يبحث لي عن ثمن جيّد !!
هو، لم يؤذني يوما
و لكنّه كان يتحدّث كثيرا عن مؤخّرتي أمام زوجته
و يمازحها قائلا:
لو كنت تملكين مؤخّرة كمؤخّرته لصرت بطلة أفلام إباحيّة.
ثمّ يقهقه! ! !
المرأة التي اشترتني،
بثمن زهيد،
من ورثة الرّجل الذي حبسني في المرآب
ثمّ وضعتني في حديقة بيتها
لم تكن تكرهني
و لكنّها كانت تخشى غيرة صديقها؛
هكذا أخبرتني
و هي تبكي على صدري، ليلة انتحارها!
صديقها ما كان يغار منّي؛
هكذا أخبر صديقته الجديدة يوم أهداني إليها
و صديقته،
الجديدة،
ضحكت، كثيرا، من عريي الكامل
و في سرّها قالتْ:
لو أنّ النّحّات صنعك بفحولة منتصبة
لجعلتُك حبيبي!
ثمّ وضعتني في غرفة نومها.
" لوليتا"
-صديقة صديق المرأة المنتحرة-
لم تكن تحبّني
و لكنّها كانت تستشيرني في كلّ شيء
فتقول بلكنة عارية :
ماذا ألبس لك عزيزي؟
أو
ماذا تحبّ أن تأكل، اليوم، حبيبي؟
أو
أين تريدني أن أقضي عطلتي أيّها المُمل؟
و قد تسألني، بحزن:
هل أنا امرأة سيّئة لأنّني خنتُ "ماريو" مع رجل يشبهك؟!!!
و كانت تقبّلُني من فمي
كلّما أسعدها رأيي! !
"ماريو" قتل " لوليتا" بسببي! !
سمعها، ذات مساء، تناديني حبيبي و تتأوّه!
دخل غرفة نومنا
فوجدنا نتعانق عاريين
فكسرني
و بقطعة منّي
كسر جمجمة "لوليتا"
ثمّ دفننا في قبر واحد، في حديقة صديقته المنتحرة! !
و لأنّه لا شيء يذهب إلى العدم
حملت بنا، توأما، امرأة تونسيّة!
صرتُ طفلا و "لوليتا" أيضا؛
" لوليتا" – أخي-
ذهبت لتبدأ حياتها في مكان آخر بعد شهرين من بكائنا الأوّل
و أنا
مازلتُ تونسيّا
بنصف رائحة، بنصف وجه و بنصف موت
و أجلس عاريا،
طول الوقت،
في مخزن على قارعة الطّريق
و أكتب عن نساء كثيرات
و أنتظر أن يكتمل عناقي الأخير
لأعود تمثالا رخاميّا عاريا بفحولة منتصبة
فتحبّني،
ربّما،
"لوليتا"! ! !
التمثال العاري ...بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
15 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: