من رسائل الواتس ..بقلم حسين الضاهر/ سوريا
من رسائل الواتس :
العائمون على بحر من الدماء والجوع يرسلون لنا أصواتهم و يقولون:
إن بيتكم مازال بحالة جيدة وإن خالك توفي بعد أن نجى من الحصار.
أخوالي الخارجون من منظومة العشيرة منذ زمن أقاموا عزاؤه ثلاثة أيام ولياليها، شربوا الشاي والقهوة المرة، شاركوا الحضور نقاشاتهم عن غلاء الأسعار ثم تولوا إلى حزنهم صامتين
ابن عمي اشترى دراجة نارية وعلبة سجائر وصار يمسك المقود بيد واحدة ويدخن بالأخرى يقول والده : فليحمل سيجارة خيراً من حمل السلاح
حارتنا مازالت مغلقة لدواع أمنية
أفراحنا متوقفة حتى إشعار أخر
وثلاجة الدكان سُرقت
يقولون لنا : أنتم الفائزون ببعدكم
نرد عليهم : أنتم الفائزون بقربكم
ولا ندري من الفائز
صديقي الشاعر افتتح بقالية صغيرة وكتب على جدارها ( الدين ممنوع خصوصاً للأقارب ) وراح يشتم الشعر والشعراء
خالتي هاجرت
ابن خالتي الأخرى هاجر
ابن عمتي لم يحتمل الهجرة الداخلية فهاجر إلى الخارج
جارتنا وأهلها هاجروا
صديقي لم يمتلك نقوداً للهجرة فحمل سلاحاً وهاجر إلى السماء
الذين أعرفهم ولا أعرفهم هاجروا وبقيت جدتي تعد أحجار الرصيف وتبكي
يقولون :
الخضروات في هذا الوقت من السنة رخيصة
الأرواح رخيصة
وما عداها غال
يسألني قريبي : كم ادخرت منذ خروجك ؟
أجبته: الكثير من الشعر الأشيب في رأسي والكثير الكثير من الأسئلة على لساني فيضحك ثم يراسل أبي بعد يومين ليشير عليه أن أضع عقلي في رأسي وألتفت إلى عملي
هذي البلاد لا شبان فيها : تقول العجوز وهي تسرح بأربع دجاجات وحزن
هذي البلاد تبدل أثوابها كلما طُرق الباب : يقول أحدهم
( هذي البلاد خازوق لا يزول ) قرأتها في نص نثري
( هذي البلاد العصفورية ) كما يردد ( باسم صباغ ) دائماً
هذي البلاد ملك للعابرين على أجساد أبنائها وهذه حقيقة
هذي البلاد تبعد خمسة وخمسين كيلو متر عن هنا كما يشير ( غوغل أيرث )
هذي البلاد صارت تقتلني كلما سمعت اسمها .
فأجيبهم بتسجيل صوتي مقتضب :
أخبروا كثبان الغبار بأن تستريح في الجرح المسمى (بيتنا)
وهنئوا المفاتيح فقد صارت كذبة بأسنان
أخبروا جيراني أن يسقوا خطواتي اليابسة لعلها تدل غريباً ما إلى الفرنِ
وأخبروا أخوتي العشرة بأن يغسلوا أيديهم من دمي كي لا يكتشف أبونا المكيدة
قد لا أرجع...
حسين الضاهر
من رسائل الواتس ..بقلم حسين الضاهر/ سوريا
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
25 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: