لست رجلا مغامرا ..هيثم الأمين / تونس

 لست رجلا مغامرا

ــــــــــــــــــــــــــــ

ما كنت، يوما، رجلا مغامرا

لهذا كنت أعبر كلّ الوجوه كرصاصة بريئة

ثمّ أستقرّ  في وجهي الوحيد

و أسافر إلى آخري

دون أن أحمل على ظهري أخطاءً فادحة 

ودون أن أخبّئ في جيب ذاكرتي انتصارا صغيرا يعرفه المغامرون!

لو أنّي كنت رجلا مغامرا

لارتكبت كلّ الأخطاء الفادحة؛

لكنت صرخت.. غاضبا

مطالبا بحصّة جثّة توأمي من حليب أمّي

و لصفّقت، طويلا جدّا، لموته الصّغير...

لكنت تشاجرت، 

طول الوقت، 

مع الطّفل الهادئ الذي احتلّ ملامحي

و لدلّست كلّ "نعم" قالها

فصارت "لا"

و ما خشيت من عقاب أبي...

لكنتُ تلصّصت 

على المعلّمة الجميلة 

كما كان يفعل باقي الصّبيان

فأصير شجرة موز

و لكنتُ قبلتُ أن أقبّل زميلتي في الفصل

عوض أن يضربني معلّمي اليساري !!

لو أنّي كنت رجلا مغامرا

لما تورّطت في كتابة ما يشبه الشّعر

و أنا.. ما كتبت الشّعر إلّا

لأنّي أخاف أن أتكلّم فيصيبني صمتي

و لأقول: "أحبّكِ" 

لفتاتي الصّغيرة التي ما كانت تعرف اسمي !!

لكنتُ أنهيت دراستي باكرا جدّا

و صرت بحّارا يجيد الصّيد

و الشّتائم

و شرب البيرة

و لكنتُ أشجع منّي

و أنا أفرّ من فم البئر...

لو أنّي كنت رجلا مغامرا

لذهبت إلى ما هو أبعد من زاوية جدار؛

أجلس هناك

لأتابع وجهي الهارب إلى خيالي

و أدخّن معه

ثمّ نضحك كثيرا جدّا

كلّما تذكّرنا أنّي ما كنت، يوما، رجلا مغامرا

و يواصل وجهي، وحده، الضّحك

و أبكي

و تكتب أصابعي ما يشبه الشّعر...