وحدَهم الموتى مَن يرونَ الشَّمس ....د عاطف الدرابسة / الأردن

 وحدَهم الموتى مَن يرونَ الشَّمس ..


قلتُ لها :


للماءِ ألفُ شكلٍ

وشكل

وأحياناً يكونُ 

عديمَ الشَّكلْ ..


للرِّيحِ ألفُ شكلٍ 

واتجاه

في كلِّ لحظةٍ

تُغيِّرُ شكلَها 

والاتجاهْ ..


الماءُ والرِّيحُ أنتِ

وأنا منذ أن وُلِدتُ

من سُلالةِ النَّارْ ..


ماؤكِ عكسُ الماءِ

يُشعلني

والرِّيحُ العاصفةُ

من عينيكِ

تُطفيني 

فأصيرُ جمراً 

بلا حياة

وأصيرُ رماداً

أتخلَّلُ الغبارْ ..


من غبارِي يا سيَّدةَ الجحيمِ

تتفتَّحُ الأزهارُ

بكلِّ الألوان

فأصيرُ مرَّة زهرةً حمراءَ

للحُبِّ

ومرَّة زهرةً حمراءَ

للموتْ ..


أزهاريَ الزَّرقاءُ

مأوى للأسماكِ

وأزهاريَ الرَّماديَّة

مأوى الفراشاتِ

ومأوى للشَّرر

من بينها تتفتَّحُ الأحلامُ

وتبتسمُ على شفتي طفلٍ

يعيشُ على قارعةِ الأملِ

أو في بطنِ الرَّصيفْ ..


للماءِ ألفُ شكلٍ

وشكل

وأحياناً يكونُ

عديمَ الشَّكل ..


للماءِ ألفُ حالٍ

وحال

أحياناً يحتضنُ السَّماء

وأحياناً حين يموجُ

ترقصُ فيه الأقمار

وأحياناً يصيرُ مرايا

وحدَهم العاشقونَ يا سيدتي

يحسبونَ أنَّ المياهَ مرايا

فينتحرون ..


كم قلتُ لكِ : 

إنَّني أُجيدُ تأويلَ ما ترسمُه الرِّيح

وأُصغي إلى عوائها 

وسُعالها 

وهوائها المُضمَّخُ بالعطرِ

والنَّدى ..


اقتربي منِّي أكثر

لأضمَّكِ إلى صدري

لأهمسَ في أُذنكِ اليمنى :

وحدَهم الموتى مَن يرونَ الشَّمس ..


سأُعاقبُ كلَّ الصَّفحاتِ البيضاء

وأجعلُها في حالةِ انتظارٍ دائمٍ

لأبجديَّتي

ولغتي ..


سأُعاقبُ كلَّ الأبواب

سأجعلُها تنتظرُ إيقاعَ يدي 

وتحِنُّ إلى قدميَّ

لتجعلَ لعتباتِها معنى ..


سأحكمُ على المرايا

أن تنتظرني 

ألفَ سنةٍ ضوئيةٍ

لتعبُرَ إليكِ

صوري

وأفكاري

وتجليَّاتِ لغتي 

لتعلمي أنَّ الذي لا يعرفُ الحُريَّةَ

ولا يعرفُ الحبَّ

ما هو إلَّا نبتةٌ بريَّةٌ

فاقدةٌ للحياة ..


أغلقي عينيكِ

لا تفتحي سريرَ ابتسامتكِ لي

فالحِملانُ يا سيدتي

لا تنامُ في مغارةِ الوحوش ..


د.ع /\


وحدَهم الموتى مَن يرونَ الشَّمس ....د عاطف الدرابسة / الأردن Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 15 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.