إلى ما شاءَ الهوى ...ميرفت أبو حمزة / لبنان
إلى ما شاءَ الهوى
_______________
ما عادَ عودي أخضرَ
ولم تَعُدِ الكتابةُ ملجأً آمناً
من هذيانِ الموتِ وأنيابِ الوحدةِ ..
أتشبّثُ بما بقيَ لديَّ من ذاكرةٍ
رغمَ هجماتِ النسيانِ التي تنتابُني
وهذهِ الانفجاراتُ
التي ما زلتُ أعيشُ في خضمِّها ..
أفتقدُكَ ولا أعلمُ كم مرَّ من القهرِ
على سقوطِ نجمي لتتوهَ عني ..
أفتّشُ عنكَ وأطيلُ في رثاءِ ما أورثتَني من حبٍّ وثنيٍ
لا يعرفُ الفناءَ ..
وأسألُ كم كنتُ فيكَ .. لا أعلمُ ..
ما أعلمُهُ جيداً أنكَ كنتَ محطةَ العمرِ
التي ضيَّعَتْني ..
وأنكَ كنتَ مسرحاً مضاءً بالحبِ
لكنني ولأسبابٍ خارجةٍ عن رجاحتي رحتُ أحبو إليه بلا هدايةٍ فكسرتُ ظلي ..
إمرأة تعرجُ على وجعِ ظلِّها
قد لا تليقُ بها قمصانُ الضوءِ
تنزوي بداخلِها كلَّما ارتفعتْ منارةٌ
وكلَّما همسَ ضوءٌ حالمٌ في سرِّ رصيفٍ
وكلَّما اكتملَ بدرٌ عندَ الغيابِ
إمرأة ترتدي عتمتَها الفارهةَ وتنامُ ملءَ وحدتِها
كبَيْتٍ مهجورٍ بلا زهورٍ أو عصافير ..
فكيفَ تفهمُني إن لم يخذُلْكَ مسرحُ النورِ ..
كنتَ تسائلُني كثيراً
عن طريقٍ فرعيٍّ
يصلُ الليلَ بالنهارِ والأرضَ بالسماءِ
والوترَ بأصداءِ الغناءِ
كنتَ تسأَلُني عن ريفِ عينٍ لم ينبتْ فيه الدمعُ ..
عن بيتٍ رفعَ عتبتَهُ كي يدَّخِرَ جنازة
عن طريقٍ لم تُزهِرْ فيهِ الدماء
عن القمرِ المؤلَّهِ بالغوايةِ الأزليةِ
عن عواءِ الذئابِ آخرَ الليلِ
عن الليلِ حين لا مؤنسَ يسامرُ عتمتَهُ الرائية ..
لم أفهمْ وقتَها كلَّ هذا كي أجيب..
ولم تجبْني ..
كنتَ تأتيني كعاصفةٍ
تمسكُ زمامَ الريحِ فتأخذُ كلَّ أوراقي
وتأخذُني إليكَ
فنصيرُ معاً معادلةَ التشابهِ المُثلى
وسرعانَ ما تشلحُني مبعثرةً برائحتِكَ البرّيّة ..
أتذكرُ تلكَ الأغنية ؟
" سوف تلهو بنا الحياة ... "
على مضضٍ همهمَ صوتُكَ المبحوحُ
ثم عادَ من صدى موسيقاها ..
صوتُكَ الذي وقفَ عندَ حافّةِ النعاسِ ونامَ وصحى في قفارٍ موحشٍ
مثلَ وعلٍ فصيحٍ في غابةٍ بلا تاءِ تأنيثٍ تعزفُ على وترِ الحلم ..
أنتَ الصاعدُ أدراجَ النهارِ بكلِّ ما أوتيتَ
من فتنةِ الفجرِ وهيبةِ الريحِ وفصاحةِ ال أحبك ..
وأنا المنطفئةُ كغابةٍ راقصَتْها ريحُكَ ونارٌ بربرية فوقفتْ عندَ حافةِ الإنتحارِ ..
فلماذا أبحثُ عن ظلالِكَ
كي أجدَ ما بقي من ظلالِي ..؟
ولماذا أُسيِّرُ عربةَ الفقدِ بالكلماتِ
نحو دهرٍ آخرَ من الهباء ..؟
ولماذا كلَّما همىَ ليلُ عليَّ أغنّي ؟!
أحبكَ الآنَ .. الآن ...
.
.
.
.
الآنَ أكثر ..
_______________
ميرفت أبو حمزة
من ديوان *خواتم بلا أصابع*
اللوحة الرائعة Vivian Alsaegh

ليست هناك تعليقات: