أغنيات محرّمة..هيثم الأمين/ تونس
أغنيات محرّمة
ــــــــــــــــــــــ
ثمّة أغنيات لا أحد يسمعها!
مثلا:
أغنيات النّساء اللّواتي يذهبن مرغمات إلى أسرّة من خبزعطن
ليُطعمن حيلهنّ الصّغيرة
لرجال من خشب محترق ودخان يعانون من التهاب الكبد الفيروسي
ويلهثون كما الكلاب
لأنّه لا وقت لديهم ليتوقّفوا عن الرّكض من أجل استراحة تكفي لرؤية شبه واضحة!
كذلك، أغنيات الرّجال الذين عادوا من حرب يابسة كما الخبز الجافّ؛
حرب كانت تمنحهم بزّات ضدّ الرّصاص
صُنعت، في أحلام آبائهم، من دعوات الأمّهات
وتعدهم، في حالة النّصر، بصور جديدة لحبيباتهم
ولأنّهم كانوا يعتقدون أنّ الموت مجرّد خدعة حرب
اختبؤوا فيه طويلا
وحين غادرت الحرب لتسكن سلاما جديدا
بكوا طويلا جدّا على أكتاف أغنياتهم وهي تعود بهم إلى بكاء أمّهاتهم
وبعيونهم المغمضة
التقطوا صور سيلفي كثيرة مع حبيباتهم في صورهنّ القديمة
وناموا…
ومن الأغنيات التي لا أحد يسمعها،
أغنيات من يشربون أيّامهم مع الكثير من النّبيذ الرّخيص
ليتمكّنوا من ابتلاع كلّ هذه الأرصفة
فلا تعلق في حناجرهم أصوات الفقراء الغاضبين
ولا الكراسي التي يستأجرها الانتظار من المقاهي
لأجل من يجلسون وحيدين
في انتظار وجوههم القديمة التي اقترفت خطيئة المرايا
وما عادت تشبههم!
ثمّة أغنيات لا أحد يقترب منها
حتّى لا تُلطّخهم بداياتها على الأبواب التي أهدت مفاتيحها لأياد غريبة
فيصيرون ألوانا لا تُعجب الوافدين الجدد…
حتّى لا تثقبهم “كوبليهاتها”
فلا يَسِيلُونَ منهم فتكتشف الشّوارع قصصهم الحزينة
وحتّى لا تكبر في دواخلهم نهاياتها
فيضطرّون لتغيير أحلامهم الكبيرة جدّا بأحلام عيش صغيرة جدّا!
تلك الأغنيات التي لا أحد يقترب منها
كأغنيات محطّة ما عادت تصلها سكّة القطار
لأنّ بلدة الباحثين عن الذّهب التي كانت هناك
ابتلعها انهيار جبليّ
وكلّ الحكايات التي أُشيعت حول وجود الذّهب
كانت من نسج خيال راعية أغنام وحيدة
تورّطت في الجبل
تحاول إغراء شاب وسيم
/أحبّها
ثمّ غادر من أجل جمع الثّروة/
بالعودة !!
وثمّة أغنيات لا تصلح للغناء
ككلّ الأغنيات التي يشتريها أصحاب الملاهي/ المعالي
من شعراء
يأكلون الخبز العطن،
يشربون الكثير من النّبيذ الرّخيص
ولا حبيبات لهم لتسرقهم الحرب منهنْ !
كأغنيات البيادر وهي توزّع الجوع،
كهذه الأغنية
وكأغنيات ساقي المبتورة التي
تنتظرني
في الهناك
لتعلّمني المشي من جديد.
ليست هناك تعليقات: