ترجمة سريعة لفكرة نسيتها ..هيثم الأمين / تونس
ترجمة سريعة لفكرة نسيتها
ـــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
أترك رأسي تحت السّرير
وأغادر البيت!
إنّي لا أضعه على الطّاولة
ولا أعلّقه على الجدار
حتّى لا يشي بي جاري للبلديّة
ويدّعي أنّي أمارس الصّيد العشوائي.
أنا، أيضا، لا أضع رأسي في الخزانة،
مع الثّياب أو في درج الجوارب،
حتّى لا يظنّ أطفالي الذين لم أنجبهم بعد
أنّ رأسي حصّالة كبيرة
فيكسرونه طمعا في مال ليشتروا به السّكاكر و البيبسي
ولا أضعه في الثلّاجة
حتّى لا تعتقد زوجتي التي لم أتزوّجها
-ولا تعرف ملامحي-
أنّ رأسي بطّيخة
فتقدّمه لنا، كمفاجأة سعيدة، على العشاء!
أنا لستُ رجلا طويلا
لأخشى أن يرتطم رأسي
بالحافّة العلويّة لباب من الأبواب
أو بلافتة
فأفقد ما تبقّى من ذاكرتي
أو لأخشى أن يعلق بحبل غسيل أو بسحابة...
وأنا لست ساذجا جدّا
لأتوقّع أنّ أحد النشّالين،
في الحافلة المزدحمة
أو في شارع جانبيّ،
قد يفكّر في سرقة رأسي؛
فرأسي تصدر منه رائحة الشّعراء:
رائحة نافذة كما رائحة الزّرنيخ
وكريهة كما الشّتائم النّابيّة
وكما الفقر
واللّصوص لا يسرقون القصائد
ولا الأحزان
ولا بقايا الخطوات الثّملة على الأرصفة...
كذلك أنا لا أقرأ كتب "ماركس"
أو كتب "لينين" و"ماو"
كما لا أقرأ "لحسن البنّا" أو "لسيّد قطب"
وأكره صراخ الشّيخ "كشك"
فلا أخاف أن يكون رأسي حمامة يطلبها قنّاص
باسم ضرورة استتباب الأمن
أو باسم التمرّد على أصحاب المعالي...
ثمّ إنّ رأسي ليست ثقلية جدّا
ليصعُب عليّ حملها
وليست بخفيفة جدّا كبالون هيليوم لأخشى أن تطير منّي
ولكنّي، دائما، أترك رأسي تحت السّرير وأغادر البيت
لسبب آخر بسيط جدّا
أنّي أخشى
أن أبتسم، يوما، أمام مرآة ما أو واجهة بلوريّة
فأرَانِي دون أن أنتبه
فتَعْتَقِلُ
أصابعي
وجهي
بتهمة ممارسة رذيلة الفرح في العلن!
ترجمة سريعة لفكرة نسيتها ..هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
04 مارس
Rating:
ليست هناك تعليقات: