حلم في ليلة مقمرة بقلم رشيدة المراسي تونس

مازلت أحلم بمطر عجائبي يحيي عظام الموتى ولا يقتلع الأشجار منذ أول الربيع أتيت بأجود البذور من بلاد الشام أشتاق للزعتر الأخضر وحبوب السُمّاق أبذر مع كل قطعة خبز أمنية بأرض شارفت شمسها على الإرتفاع أطعم الحلم نهارات الإنتظار مع مطلع كل برعم ينبت في قلبي وأطوف مع حركة القمر في الليل الغريب .. إذا سألوك عنّي فأنت لا تعرفني هذي البلاد تنام باكرا وتستيقظ متأخّرا جدا كسيّدة أرستقراطيّة و ما بين الفجر والفجر أمرق إلى ضباب الرؤية أمدّ ساعدي خيمة لدروب غجرية قادمة من بلاد الغيب فأنّى لك أن تحمل ملامح وجهي وأنّى لك بمحمل البصر ففي كل إناء ماء ينضح والمطر عين الغمام .. هذه البلاد تطبق على أنفاسي تحاصرني وتمنع عنّي الهواء فمن أين تأتي بكل هذا الجحود ومن أين لها بكل هذا الجبروت الآسر كيف تراجع الياسمين و أخلا مواقعه لغابات الصبّار والتين الشوكي كيف لسماء إذا عطشت أن ينبت التوت في رحم أرضها مازلت هنا بعدُ أبعد من منطاد الخيال إذا هبّ على ليل السكارى وأحلّق في ملكوت الرؤى السبعة في الطابق العاشر قبل الحادي عشر أنا كوكب أطرّز ملامح الجنة بيدي المدماة أُسند لرمح سبّابتي أجنحة تتسلّق في صمت نوتة موسيقية لعاشق صوفي يحرس بستان القصب و يصنع من نبيذ ليلة الميلاد أغنية للحلاج ويرسم على شفاه طفلة إفريقية زنبقة من بلاد العاج ..