حلمُ شاعر مغمور _هيثم الأمين تونس




رأيتُ فيما يرى النّائم
أنّي أجلس في مقهى يرتاده الشّعراء و الأدباء و الفنّانون و الغرباء
كنت أجلس إلى طاولة مستديرة عليها قارورة ماء و فنجان قهوة
كنت أجلسُ كشاعر مشهور
و أمامي تجلس صحفيّة تحت التّعذيب / التدريب بدأت، للتّوّ، شقّ طريقها و أمامها كوب شاي
و لأنّي لست شاعرا مشهورا جدا
قبلتُ لقاءها
و بعد الترحيب و التّقليب و أسئلة كثيرة
أطلقتً على رأسي السّؤال التالي:
- مالذي يُرعب شاعرا مشهورا كحضرتكم؟
فتنحنحت، مسحتُ على صلعتي
طقطقت أصابعي
حرّكتُ شواربي
و فركت كثيرا جدا لحيتي، المهملة، البيضاء
و أجبت:
- يا بنيّتي...
ثمّ علّقتُ: ناديتك بنيّتي بعد إذنك طبعا
فلم تمانع.
و واصلت حديثي كأيّ شاعر مشهور:
- يرعبني الصمتُ و لكنّ الضجيج يرعبُني أكثر
يرعبني نصف اليقظة و لكنّ نصف النّوم يرعبني أكثر
ترعبني الحياة و لكنّ الموت يرعبني أكثر
ترعبني غمزة امرأة مراهقة
و لكنّ غمزة نهدك الصّغير يرعبني أكثر
يرعبني الدّفْء في حضرة امرأة
و لكنّ ملامح رجلٍ، غيري، يدخّن أيامه في شرفتيْ عينيها، يرعبني أكثر
يرعبني نصف الجوع و نصف الشّبع و لكنّ كرز شفتيك يرعبني أكثر
ترعبُني الدائرة و الخطّ المستقيم
و لكنّ الإسطوانة و الزاوية الحادّة ترعباني أكثر
ترعبني الكراهيّةُ
و لكنّ الحبّ يرعبني أكثر
فالحبُّ رسول الرّحيل القادم
و الرّحيلُ يَعُدُنا الحنينْ
لا يُرعبني الله
و لكنّ خليفة اللّه على هذه الأرض يُرعبُني جدا
لا يرعبني أنبياء الله
و لكنّ كلّ هؤلاء الذين نصّبوا أنفسهم أنبياءً يرعبونني جدا
شرطة المرور لا ترعبُني
فأنا أتنقلّ مشيا أو على صهوة حصاني الذي مسخه الفقر درّاجة هوائيّة
و لكنّ شرطة الأفكار ترعبني جدا جدا
و الأفكار المحشوّة بالسمّ ترعبني جدا
كما ترعبني أصابعك الراقصة على الطاولة من فرط الضّجرْ
يرعبني الجمهور الغفير
و لكنّ القصيدة التي لا تأتي ترعبني أكثر
يرعبني الميزان
و الأطفال حاملي السّلاح
و العصافير المنفيّة
و لكنّ تعطّل الساعة الجدارية عن الثرثرة يرعبني أكثر
و يرعبني أكثر و أكثر
انتحار أصابعي فوق ورقة بيضاء
يُرعبني، يا صغيرتي، كلّ هذا و أكثر
...
و لكن أين أنت؟!!
أين ذهبتِ؟!!
لقد نسيتُ أن أخبركِ
أنّه يرعبني أن أكون في عينيك رجلا مضجرا
و يرعبني أكثر أن لا يكون بيننا لقاء جديد.
فأنبئوني برؤياي أيّها الجمهور القليلْ!
حلمُ شاعر مغمور _هيثم الأمين تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 13 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.