قنبلة اجتماعية موقوتة بقلم زهرة قندوسي الجزائر



في متجرنا إمرأة قصيرة القامة .شهباء البشرة.تدعى سوسن.رغم انا السوسن لا يمت لها بأي صلة رحم لدرجة أنه تخل عن عطره بسبب انتحالها لشخصيته.. وباعه لمصانع طوكيو وفرنسا..
أسنانها السفلى مخلوعة الا من ضرس واحد ..أما أسنانها العليا بارزة خارج شفاهها .وعيونها صغيرة.تشبه حبتين كرتوش ثاقبتنان أمام فوهة بندقية..ونهداها متهدلة كنهدي سيمون دي بفوار.لكنها تثبت عدم تهدلهما.برفعهما بالحمالة..أم عن فمها ومؤخرتها فهما منتفخان . دون اللجوء إلى مراجعة جراح تجميل لبناني....اظافرها مطلية بألوان قرمزية اقتداءا برمز الوجودية...هوايتها الدائمة هتك الأعراض.وإثارة الفتن.فتراها تتنقل من بيت لآخر بمشيتها التي تشبه مشية خفاش سقط على رأسه.فأصابه الدوار وأخذ يترنح يمينا وشمالا 
قوت يومها يبدأ بصيد الأعضاء التناسليه تحت الخزائن السريرية.وينتهي بتشريح.لحوم الناس وبيعها..
لفقد عاثت بين البيوت وغرف النوم فسادا.أم عن مسكنها فهو يقع في حي شعبي قذر..متخم بالزحام . وأغلب مظاهر البغض تطفو على وجوه الناس .ولا تفوح منهم إلا رائحة البؤس.
الجميع يرتدي ثوب الشقاء
.الا سوسن كانت تمثل اكبر مشكل لسكان منطقتها وحتى لصديقها العجوز الذي كان يزورها من وقت لآخر.بحجة الإطمئنان عليها.لكن في الحقيقة وهو لا ياتي إلا اذا تطور جوعا.ليلتهم الأطعمة المعلبة المشبعة بالمواد الحافظة التي تختفظ بها تحت سريرها.
كانت سوسن الأكثر تسلطا بين الجميع ولا ترتدي غير ثوب اللامبالاة.وأحيانا تقوم بأفعال غريبة ومضحكه.. فقد كانت تتبول في الأماكن العامة و المحترمة وفي صلات المحاكم.وتدخل البيوت دون طرقها.
.الجميع يلقبها بالعجوز الشمطاء . وإنها لحقا لعجوز متسلطا ومتعجرفة ..لكن لم يكن فيهم من يعلم انها عاشت طفولة بائسة متعفنة.وعرفت في صغرها أشياء لم يكن ينبغي أن تعرفها الا في كبرها... كانت تتسلل الى الحانات الرخيصة خفية.لتلتقط بقايا الحشاشين ومدمني الكيف.لتمتص النيكوتين تحت الموائد 
. كانت تتشاجر مع الجميع وتثير الشغب وتقوم بضرب كل من ينافسها من المشردين.من أجل ربع سيجارة مالبورو . سقطت من شفاه عاهرة أو مخمور نتن.ولم كبرت.تحولت الى قنبلة اجتماعية موقوتة..شكلت جيش من الأطفال لتضمن وصول أخبار فضائح النوم بالتفصيل إليها.
وتكافء هؤلاء الجواسيس ببعض قطع الحلوة التي تختزنها بصرة من قماش الجلد.تخفيها داخل صدرها..تخرجها بطريقة مثيرة تحير علماء النفس والطبيعة. وتسيل لعاب كل من يراها في تلك اللحظة.
ان ذكاؤها و فطنتها تختلف كثيرا عن حماقة الاغبياء. فهي من النوع الذي لا يقتل البعوض إنما يجفف المستنقعات.ويشاع عنها انها لديها ثروة طائلة تخفيها في البنوك السويسرية.ولا احد يعرف ما قصتها حينما كانت طفلة مشردة إلى حصولها على هاته الثروة الهائلة..هاجس التلصص يغرقها من رأسها لاخمس قدميها. وفي لسانها يعيش شيطان خبيث.
يغريها حشر أنفها في كل شي .ذات مرة رأيتها تتحدث مع إحدى جارتها.التي كانت تتطاوع حديثها على مضض..وتقول :أزعجنا إبنك بأفعاله.لقد انزلق من قبضتك.وتجرد من احترامه.اذا كان يريد الزواج زوجيه.
وكفاه.تعديا على أولاد الحي..متى يتربى؟؟..الا يوجد من يوقفه عند حده؟..مافي احد يربيه؟..اوقفيه عند حده.او لتدخلت انا لحل هاته المشكلة..طفح الكيل ثم خطت خطوتين للخلف وقالت :
يا الله لقد تأخرت على صديقتي هناء.. ازورك في الافراح..يا جارتي .
ولكي تتفادى الجارة سوط لسانها .تمتمت في نفسها ببغض. يعطيك الف كية وتلدغك مئة ومئتين حية.يا شمطاء.
أم عن اكثر شيء في الوجود تبغضه و يستفز سوسن. عندما تخرج من بيتها لمراقبة الناس ويمر من أمامها بعض العمائم واللحي .وهم يمزجون الإيمان مع العهر ولا يغضون أبصارهم على واجهة صدرها المتدلية...تنظر إليهم بإزدراء واحتقار..وتمد لسانها وشفتها العليا.كتيس في مرحلة التزواج يستعد للايلاج بمعزته.وما أن يمرو من أمامها حتى تبصق خلفهم وتقذفه بوابل من الشتائم و اللعنات...
وتعقب اللحظة ضحكة مخبولة .حين تتخيل نفسها المدافعة الرسمية عن حقوق الإنسان.
لكن في نفسها هي تتعاطف مع من يتصببون عرقا بسبب الإحتباس الحراري ..تشعل سيجارة وتتلاشى مع دخانها . الا أن عينها تبقى ثاقبة في مكانها تصول وتجول.وهنا تبدأ يومها بعد أن سقط بنطال وحمالة صدر إحداهن .تخرج هاتفها وتاخذ في تصوير أحداث الفضيحة.. الإثم يتخم جهازها..فتضحك كالبلهاء مرة ويعقب ضحكتها الساخرة صمت رهيب..فتشمئز الوجود و من كل شي.
وهكذا تواصل تفاصيل مسرحية نهارها. حتى ينتهي اليوم ببيع كل ما حصلت عليه من فضائح الى إحدى الصحف المحليه المجاورة لها .فتكتب الفضيحة بالخط العريض والإسم الصريح . و يحل المساء في لحظات.. تدخل بيتها تخرج من الثلاجة قارورة بيرة ترتشف منها
بعدها.تدخل غرفتها..
تعطس ترمي نفسها على السرير وتغط في نوم عميق......
قنبلة اجتماعية موقوتة بقلم زهرة قندوسي الجزائر Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 23 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.