رجل صالح ......بقلم هيثم الأمين / تونس




لقد قررتُ أن أكون، غدا، رجلا صالحا
لهذا سأنام، الليلة، باكرا
و غدا
حين أستيقظ،
و على غير عادتي،
سأتثاءب و ربّما سأتمطّى في سريري!
أنا، في العادة، لا أتثاءب حين أستيقظ من النوم
ربّما لأنّي أحتاج لأن أستيقظ فعلا لأتثاءب
و أنا، كلّما استيقظتُ، أواصل حلمي أو كابوسي بعينين محملقتينْ
بعد أن أتثاءب
و قبل أن أرتدي ملابسي
سأرتدي ابتسامة عريضة
أو ربّما سأرتدي ابتسامتي العريضة بعد أن أرتدي ملابسي
حتّى لا تشوّهها رائحة العرق التي تنام في تبّاني
فأمّي ما عادت قادرة على غسل ملابسي كلّ يوم و هذا يضطّرني للبس تبان واحد لأيّام
بعد أن أرتدي ابتسامتي
سأعلّم، غدا، حنجرتي كيف تقول "صباح الخير"
لأبي و لأمّي
و ربّما لجارنا الوحيدْ الذي مازال يفتل ذاكرته، كلّ صباح، عند شبّاك غرفتي و ينتحبْ
فيجعلني ألقي عليه الشتائم و عقب سيجارتي الأولى
سيجارتي الأولى
و لأنّي قررتُ أن أكون رجلا صالحا، غدا
لن تكون موجودة
لأنّي سأقلع عن التّدخينْ
فأبي يقول: الرجال الصالحون لا يدخّنون!
و بما أنّ سيجارتي الأولى لن تكون حاضرة
فإنّي، و على غير عادتي، سأغسل وجهي
سأغسله لمرّات كثيرة حتّى لا يبقى من غضبه شيء
بعد كلّ هذا
سأذهب كعادتي لأبي لأعدّه ليوم عاديّ آخر
و لأنّي قررت أن أكون رجلا صالحا
سأدعو له بالشّفاء كلّ ما نويتُ شتمه
و كلّ ما نعتني بالفاشل.
أشياء كثيرة لن أفعلها غدا
فقط، لأصير رجلا صالحا
لن أدخل الفيس بوك مثلا
و إن دخلت فلن تكون منشوراتي حزينة
و ربّما سأكتب عن الله كثيرا!
غدا، لن أفتح ذاكرتي
حتّى لا أطارد تلك المرأة التي أحبّها
فأن تطارد امرأة على رصيف الحبْ
قد يجعلك تتحرّش بها
و قد يجعلك تسرق ملابسها الداخليّة
أو تتلصّص عليها من خلف ثقب في الحلم
و كلّ هذا سيحرمني من أن أكون رجلا صالحا، غدا!!
تبّا،
لقد تأخّر الوقت كثيرا
و هذا لن يجعلني أنام باكرا الليلة!!
و سأصحو، غدا، متأخّرا  بنفس وجهي العابس
و سأحتاج لسيجارتي الأولى
و للكثير من الشتائم لألقيها على جاري الوحيد
و...
حسنا
ربّما يجب أن أؤجّل فكرة أن أكون رجلا صالحا ليوم آخر!!!
رجل صالح ......بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 06 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.