برطمان النّعنع المجفّف بقلم نعيمة الغربي تونس


أسكن في الطّابق العلوي
في مدرج لا أقفال لأبوابه
كسائر البيوت 
لا تعترف برقم في سجلّ التّعداد
شقّتي
تُعنون بأنفاسي .
نحن سعداء يا دوستويفسكي
لأنّنا لا نملك شيئا يستحقّ أن نوصد عليه باب
والزّمان إن تخلّى أزَرَتنا الأبواب.
أصعد الدّرج على أطراف أصابع الصّمت
واحدة واحدة
أو ثلاثا ثلاثا
أدفع باب بيتي الذي تشرب نوافذه من عين الشّمس
يخلعني حذائي ...أصير ريش نعام
أجوب حدائق بيتها
ركنا ركنا
حافية القدمين و العينين والأذنين
إلاّ من قلبي.
جارتي التّي تسبقني دوما للوصول الى بيتها
تربّي أصائص النّعنع والرّيحان
في أحداقها
تحتضن ابتسامة جذلى في ركن من زوايا قلبها
كلما رأتني،
أهدتني سرب فَراشٍ يطير من ثغرها
هذا نصيبكِ مِن ...
تقول... ثمّ تصمت
تكتفي بالنّظر
إلى سقف بيتها الذي أفترشه بلاطا من نسائم تليق بقلبها
هي تعلمُ
أنّ الغبار الذي يغلق مسامات وجهي
لا أطعمه للرّيح،
لئلا أخدش جيد القرنفل على خدّها.
هذا الصّباح ،
تعهد لي ببرطَمان نعنع مجفّف
تسبقني كعادتها إلى بيتها
بيت جديد،
في مدينة بشقق مرقّمة وأسماء ثلاثية
وأكواب للطّيور الظّامئة
لا أدراج
ترفع إليها ثقل الخطو
لا نوافذ
على الفصول مشرعةً
لا بئرسلالم
تُهيئ لنا المواعيد
لا جدران
نقبّل فيها ضحكة الصّدى
مدينة
مكفّنة بالصّمت
يشرب أنفاسها الرّدى
برطمان النّعنع المجفّف بقلم نعيمة الغربي تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 31 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.