فراشةُ الضّوء .......أيمن معروف/ سوريا


•••

                               فراشةُ الضّوء
                               _________

  كانَ الكلامُ
  ولمْ يكنْ أحدٌ.

  وكانتْ آيةُ الصّمتِ الكبيرةُ
  في اتِّساعِ الصّمتِ.

  كانَ اللّيلُ
  يقرأُ في كتابِ اللّيلِ عنْ ليلٍ تجيءُ
  بهِ القصيدةُ للقصيدةِ.

  كانَ ثَمَّةَ جدولٌ يحبو فتحبو
  في نوايا الفنِّ ربّاتُ
  الجلالِ.

  وكانتِ امرأةٌ،
  يقولُ الماءُ،: أقسى منْ
  خيالٍ هاربٍ في رعشةِ التّكوينِ،
  بلَّلَها نُعاسٌ غامقٌ يحتدُّ بالأسرارِ،

  فانْحنَتِ القصيدةُ
  في الأعالي تحتَ وَقْعِ الحبِّ
  وارتبكَ النّدى.

  حتّى
  إذا انْدَلَقَ الصّباحُ على الكلامِ،
  وكانَ قيسٌ، قالَ،: - إنَّ الحبَّ،:
  - ليلى.

  مثلما ينثالُ
  منْ شفتَيْك تعريف القصيدةِ،:
  - نَبْتَة الصّمتِ اليتيمة.

  ☆☆☆

  ها أنتَ تخرجُ
  منْ شفيفِ النّصِّ،
  ثُمَّ تدخلُ منزلَ الرُّؤيا،
  وتبتكرُ الطّرائقَ والحرائقَ للعبارةِ.

  كيفَ يحملُها خيالُكَ
  جُلّنارَ فراشةٍ يُضْفي على الكلماتِ
  ما يَسَعُ التَّأمُّلَ أنْ يُضيءَ الكونَ.

  كيفَ تُقيمُ نّصَّانِيَّةَ الأشياءِ
  منْ ماءٍ ومنْ ضوءٍ
  ومنْ مطرٍ غريبٍ
  مثلَ صمتِ الغَيْبِ.

  تصنعُ للجمالِ كمائناً
  وتُحيكُ لعبتَهُ الخفيَّةَ
  في الهدوءِ.

  تُقيمُ منْ سِفْرِ الجلالِ
  حدائقَ المعنى
  وتسألُ في العبارةِ،:
  مَنْ رآني.

  ☆☆☆

  أنتَ اقترحتَ الكأسَ
  والمنديلَ واللُّغَةَ القريبةَ
  منْ نهارِ النّاسِ أنساغاً
  لنبضِ النّصِّ.

  أنتَ اتَّكأْتَ
  على الخبيءِ منَ العبارةِ
  والمُجَرَّبِ في البهاءِ الصّرْف
ِ  كيْ تَصِفَ اخْتِلاجَ الذَاتِ
  في ذكرى حبيبٍ أو غريب
 ٍ أو مدىً يَنْداحُ في هذي الكثافةِ
  منْ جنونِ الوقتِ.

  كيفَ تُسْرِفُ
  في اختزالِ الضّوءِ
  أو ما كانَ منْ شَغَبِ الكواكبِ
  أو إِزارِ الظّنِّ ، ثُمَّ تفكُّ
  أزرارَ التّفاصيلِ الصّغيرةِ
  كيْ نرى لغةَ القيامةِ
  في دمِ الأشياءِ.

  (نحنُ الواقفينَ
  على سوادِ الحبرِ)

  لمْ نتعلّم التّحليقَ
  في مرآةِ ضوئِكَ.

  (لمْ نُغادِرْ
  نقطةَ الحبرِ الغشيمةِ.).

  لمْ نُسافرْ
  في النّهاراتِ البعيدةِ
  والبياضِ الجمِّ.

  لمْ نسبحْ
  لكيْ نتعلّمَ الأنهارَ.

  لمْ نخدُشْ يقينَ العينِ
  كيْ نتعلّمَ الرُّؤيا.

  إذاً. مَنْ قالَ،:
  إنَّ الصّمتَ تأويلُ الفراغِ.
  وإنَّ هذا اللّيلَ في
  تأويلِ غيرِ اللّيلِ
  ،: أعمى.

  ☆☆☆

  ماذا سنفعلُ
  بالوضوحِ مُعَلَّقاً
  في رُدْهَةِ اللّاشيءِ.

  أو ماذا سنفعلُ بالغموضِ
  يظلُّ متروكا بلا اسمٍ
  في خيالِ الذّاهبينَ
  إلى الكتابةِ.

  كيف نعبرُ محنةَ المعنى
  ونشحذُ منْ دمٍ ليلاً
  لأشواقِ القصيدةِ.

  قُلْ لنا،:
  كيفَ ابتكرتَ
  الغيمَ للأمطارِ،
  والأمطارَ للأنهارِ،
  والأنهارَ للبحرِ المُفاجِئِ.

  ما حدودُ الرّوحِ عندَكَ.
  ما حدودُ الصّمتِ.

  مَنْ تلكَ الغزالةُ
  فوقَ شبّاكِ التَّذكُّرِ.

  كيفَ تعبرُها خلايا الضّوءِ.
  ترتقُ منْ نسيجِ القلبِ أشرعةً
  وتَفْدَحُ بالخيالِ الطِّفْلِ
  أسماءَ الكواكب.

  ☆☆☆

  يا أيُّها الضوءُ المسافرُ
  في براري الشِّعْرِ.

  علّمني القيامةَ
  وارتباكَ الفجرِ والأنهار
  كي أتعرَّفَ الأسرارَ
  في تظليلِ أسئلةِ الوجودِ،

  وخذْ هوائي للقصيدةِ
  مثلما تهوى،

  وهبْني ما تشاءُ فراشةٌ
  في حقلِ ضوئِك
 َ ،: أنْ تقولَ.

  خذْني
  إلى التّأويلِ
  والتّخييلِ والتّشكيلِ
  كي تتعلّمَ الكلماتُ
  ،: أنْ تحيا طويلا.

  •••••••
▪مكرّر
فراشةُ الضّوء .......أيمن معروف/ سوريا Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 11 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.