نص تَنَاصٌّ شَقِيُّ و نص لا زكاةَ عَلَيّ...بقلم حسن الخندوقي / المغرب


▪ تَنَاصٌّ شَقِيُّ

ما عاد لي قِبَلٌ بالنصوص الطويلة
لا كتابةً و لا قراءةً
ليس لأنني مشغول أو لا وقت لديّ
فأنا توأمٌ للفراغ
بل لأني اقتنعتُ أن أطول نص في التاريخِ
تاريخُ البشرية...
قد قرأتُ منه ما تيسر
فوجدته موشوما بالدم
و العار و الكذب و البهتان...
دَعْكُم من تاريخ علماء البلاطاتِ
السّافِلَة السَّفَلَة
اللاعقين أحذية العروش
الضاربين على دُفِّ الكروش
و ما استفل منها
إنما تاريخ القمع
و بلاغة المقموعين .

داخل هذا النص البشري
يَتَنَاصُّ نص آخرُ أقلُّ طولا :
عمري...
قرأته كاملا
بل ساهمت في كتابته
كَأَيِّ مؤرِّخ مأجور
فوجدته موصوما بالدم
دون أن تسيل مني قطرة واحدة
بالعار ، دون أن أبيع عِرضا و لا ضميرا و لا حرفا
بالكذب ، رغم أنني صَدَقْتُ
في مهنتي و حرفي و حُبّي
بالبهتان ، الذي افتراه عليّ
هذا الوطن اللعين .

تاريخ البشرية
نص طويل مكتوب بأقلام الدم و ألسنة النار
و تاريخي
نص أقل طولا مكتوب بقلبيَ الثّاكِلِ اليتيم
في زمن يتلظى فيه الثكالى و الأيتام
بالدَّعِّ و الصفع على مآدب اللئام .

يبدو أنني كتبتُ للتَّوِّ
نصا طويلا دون أن أدري
و هذا قد يُبْديني
في أعين القراء كاذبا
و ادعائي أعلاه محض هراء
مما سيضرب في الصميم
مصداقية النص و صاحبه
وكاتبه... !!!
أنا كاتب النص
أما صاحبه فمُؤرِّخ لعين
زَوَّرَ تاريخ الكاتب بحُجَّة التَّناص .

أعلمُ ألا أحد سيقرأ هذا النص الطويلَ
و التناصَّ الشقيَّ
كما يحب كاتبه أن يُقْرَأ
بل سيبحثون  في ثناياه
عن صاحبه ذي القلب الثاكل اليتيم
هذا إِنْ قَرَأه أحدٌ كاملا
فهم مشغولون و لا وقت لديهم
ليضيعوه في قراءة هُراءٍ
لن يستطيعوا في نهايته
أن يميزوا بين كاتبه و صاحبه .

أنا وحدي توأم للفراغ
و كاتبُ هذا النص و صاحبُه
يتناصّان كما يتناص الدمع و المُؤْقَة
أو المِرْوَدْ و المْكْحُلَة
أو الريشة و المحبرة
أو السهم و القلب
أو النَّصْل و الجرح
أو المشنقة و العُنُق
أو الجثة و اللحد...
مَنْ ذَا يَسْطيعُ أن يفصل الحَدَّيْن
في هاته الثنائيات الجدلية الوجودية
التي من دونها لا مكان
للموت في الحياةِ
و لا للحياة في الموتِ
و لا للجَمال في كِلَيْهِما ؟؟؟

       ...............                           

▪ لا زكاةَ عَلَيّ...

آآآهٍ...
يا صوتَها العذبَ
و نظراتِها العسلَ
و لمساتِها الحريرَ
تتهاطل من عينيَّ
أشواقاً
و دموعاً
و حسراتٍ
إنني أبكي عليَّ
كما تبكي السماء
على يباس الأرض 
الأرض تهتز
و تربو
و تنبت من كل زوج بهيج
و أرضي تتشقق
و تقسو
و القحط يهيج
لو كنتُ الآن
أملك صوتها
و نظراتها
و لمساتها
لَمَا كنتُ أرضا بورا
يتفنن النمل
في بناء مساكنه
في كل مسامها
و يعربد الدود
في مجاهلها المظلمةِ
و لَاهْتَزَّتْ جوانحي
و رَبَتْ محاصيلي
و أَنْبَتَتْ من القصائد
غيرَ صِنْوانٍ و صِنْوانَا
ثم لَآتَيْتُ حَقَّها
يوم أنشر العذوبةَ
و العسلَ
و الحريرَ ديوانَا

وَلَكِنْ ، آآآهٍ...
يا حبيبتي
لا زكاة على مَنْ
كُلُّ ثَرْوَتِهً صارَتْ
أشواقاً
و دموعاً
و أحزانَا...

                                         ح - خ  ( ابن الزاوية )
نص تَنَاصٌّ شَقِيُّ و نص لا زكاةَ عَلَيّ...بقلم حسن الخندوقي / المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 11 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.