شامتك شاسعة جدا ....بقلم هيثم الأمين / تونس
ما عُدتُ أتّسِعُ لي.
جمجمتي محطّة قطارات تعجّ
بالمسافرين،
بأشخاص قدموا ليخبّئوا الكثير منهم في حقائب المغادرين،
بالمناديل الورقيّة التي شهدت تبادل الوداعات،
بالقطط الشّاردة
و بقطارات تحلم بأخذ قسط من الرّاحة على كتف رصيف لا يركض مع الوقت.
فمي... بالون كبير
بحجم كوكب صغير، ربّما
أو بحجم حلم مراهق ركب، لتوّه، كفّ الموت المُغادر نحو شواطئ "لامبادوزا"
فمي مملوء بالقصائد الروبافيكيا،
بأكياس الاعتذارات الجاهزة،
بأسماء المقامرين على طاولة صدري حيث كنت الخاسر الوحيد،
بحاويات معبّأة بالشتائم و بعواء ذئاب الرّيح
و بكلّ أسمائي المستعارة.
وجهي، ككلٍّ، خارطة حزن
و مأدُبة كبيرة لكلّ الأنبياء الموعودين بالجحيم، لنصف شاعر و لشيطان مخصيْ
حلقي لا شيء فيه، تقريبا،
فقط، صرخة بحجم وطن أشتهيه
و كرة من ثلج تدحرجت من قمّة أسطورة ثمّ استقرّت في حلقي.
في صدري... مدينة كاملة
مدينة يقطنها الغبار و صلوات لا تصل الى الله.
مدينة تُقشّر ما علق على أرصفتها من خطوات
ثمّ تطبخها، عشاءً، لحنين لا يشبع.
مدينة ساكنة كمقبرة
باردة كأطراف ميّت
جائعة كرضيع بتر ثَدْيَيْ أمّه القحطْ
و جافّة كالملح.
على أطراف صدري
طفلة، تلبس وجعا مكشوف الصّدر،
و تلهو..
بدرّاجة هوائيّة
و بدمية دون رأس.
ما عُدتُ أتّسعُ لي
و وحدهما عيناي فارغتان كالعتمة.
ما عُدتُ أتّسعُ لي
و لكن،
ربّما،
تلك الشّامة الرّابضة، ككوخ صيّاد، قرب نهدك الأيسر
قد تتّسعُ لي و أكثر.
شامتك شاسعة جدا ....بقلم هيثم الأمين / تونس
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
18 ديسمبر
Rating:
ليست هناك تعليقات: