مسألة مسافة ....بقلم هيثم الأمين / تونس



تُؤلمُكِ الغربةُ
و يُؤلمُكِ و جهُكِ الوحيدْ
و الأضواء، المتسكّعةُ على الأرصفة، تُرعبُكِ
كلّما تحرّشَتْ بهرولتِكِ الخفيفة
و فضحتْ، للعابرين دون اهتمام، تفاصيل حزنكِ !
تدخلين غرفتكِ،
التي هي كلّ منزلكِ،
تدلُقينَكِ و تعبك على الأريكة،
قد تأكلين وجبة باردة كأصابعك
و تشغّلين التلفاز ثمّ تختاري أن يكون صوته مرتفعا...
صوت التلفاز المرتفع، لا يعني لك شيئا
هو، فقط، خدعتك الصّغيرة حتّى لا تعمّ فوضى الصّمت وحدتكِ
و تتكلّمين بصوت مرتفع، أيضا، حتّى لا تظنّ السّتائر أنّك بكماءْ
و تضحكين...
أمّا أنا، يا سيّدتي
فيؤلمني نصف الحكاية
و تؤلمني كلّ المسافة و علبة التبغ إن شارفت على الانتهاء.
و تُرعبني النافذة العارية
حين تُلوّح للعيون المتلصّصة
و تدعوهم للدّخول
كما يُرعبني، جدّا، كلّ الضّجيج المحشور في لعبة الصّمتْ.
 أنا، يا سيّدتي
أحبّ الأشياء الفارغة
كقصّة كعب حذائك الذي تركك في نصف الطٍّريق،
آخر مزحة سمعتها فكادتْ تُفقدُكِ حزنك العنيد،
طريقة تحضيرك للبيض مع الزبدة،
الكلمات التي استعملها، ليتغزّل بك، رجل لا يُعجبكِ،
لون ربطة عنق مُشغّلكِ
و كلّ كلامك الذي لا يقول شيئا.
مُتعبةٌ أنتِ؛
مُتعَبٌ أنا؛
مُتعِبةٌ أنتِ؛
مُتعِبٌ أنا؛
فدَعْكِ من الشّعر، الآن
و أخبريني:
من أنتِ؟ !
فربّما، إن عرفتُكِ... أعرفُني
فلا نبدَأ القصّة من المنتصفْ
و تبقى مسألة مسافة...
مسألة مسافة ....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 07 فبراير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.