نصٌّ مدهش .....بقلم هيثم الأمين / تونس




يوما ما قد يباغت أصابعي نصّ يُدهشني
و يدهش الجمهور و النّقّاد
و قد يدهشُ حتّى نعجتنا.
نصّ قد يجبرني على أن أُرفق اسمي بلقب "شاعر"
بل  و يجعلني أؤمن أنّي "شاعر"
و قد يجعل نعجتنا تُحدّث باقي نعجات القرية عنّي
و تقول بكلّ فخر: صديقي البشريّ "شاعر".
قد لا تهتمّ العناكب لنصّي المدهش
ربّما لأنّي لن أتحدّث فيه عن الشّراك و عن التدلّي و عنّي الزوايا المنسيّة
و لكن، ربّما، سأكتب فيه عن حبيبتي
ربّما، عن حبيبتي الأولى
و ربّما عن حبيبة لا أعرفها الآن
و قد أكتُبُ فيه عن رصيف لا يكفّ عن حمل الموتى إلى عناوينهم
أو عن رصيف لا يكبُرُ فيه الأطفال !
قد يكون نصّي المدهش عن مدينة
أو عن رِجل طاولة بلاستيكيّة تحلم بالسّفرْ
و قد يكون عنّي
أو عن نعجتنا !!
نصّي المدهش، حتما، لن يكون هذا النّصْ؛
قد أكتبه غدا
أو بعد عام
و قد أكتبه في حياة أخرى أكون فيها حطّابا أميّا
أو سطلا أو كبشا أو نهرا
و قد أكتبه في حياة أخرى، أيضا،
حياة أكون فيها رجلا ستّينيّا يعاني من تيبّس في المفاصل
و مشاكل في القولون؛
رجل يجلس قرب النافذة ليراقب عودة أبنائه مع أطفالهم من المدرسة
و يتمنّى لو أنّهم يزورونه يوما واحدا في الأسبوع؛
رجلٌ ينتظر
و يقرأ كتب التاريخ
و يضحك كثيرا جدّا
كلّما قرأ مقالة عنوانها:
" فايروس الكورونا كاد يُنهي البشريّة سنة 2020"
ربّما، هو الآن، ما عاد يتذكّر كم مرّة أصابته الكورونا و شفي منها !
نصّي المدهش
قد أكتبه في غرفتي
أو في مقهى نسيني روّاده
أو
و أنا أنتظِرُني على رصيف في مدينة تبشّرُ بالإنسانْ
ثمّ تقتل انسانيته
أو قد أكتُبُ نصّي
و أنا أتقاسم ضرع نعجتنا مع صغيرها.
نصّي المدهش قد يكون نصّي الأخير
أو قبل الأخير على الأرجح؛
قد أكتب بعده نصوصا كثيرة
و على الأغلب سأكتب، بعده، نصّا واحدا لا غيرْ
و لكنّي قد لا أكتبُ نصّي المدهش أبدا
فيحملني الرّصيف إلى عنواني بأصابع نادمة
و لا تفاخر بي،
أمام نعجات القرية،
نعجتُنا...
نصٌّ مدهش .....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 21 مارس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.