عالم عابس !!!....بقلم هيثم الأمين / تونس


يحدُثُ أن أتساءل:
ماذا ينقصُ هذا العالم ليبتسمْ؟ !!!!
و كلّ هذه الحلوى
على الأرصفة، في القطارات و في صُرر الجدّات
لا يحرسها إلّا أطفال جياعٌ
أو حكايات ذهبت للنوم باكرا
و في كلّ مدينة
حانة أو أكثرْ
يثرثر فيها عن حزنه و يرقص و يغنّي
ثمّ يخلع حذاءه العسكريّ الأحمر،
يتوسّدُهُ
و ينام دون خوف من كلمة طائشة خرجت من فوهة رجل مقهور.
لِمَ لا يبتسم هذا العالمْ
و في كلّ مدينة امرأة على الأقلْ
تُطعمُ، بالمجّان، خبز صدرها للعابرين
و توفّر لهم سريرا لليلة واحدة و مدفأة؟ !!
أنا، أقصد، كيف لا يبتسم هذا العالمْ
و هو محظوظ جدّا
لأنّه لا ينام وحيدا
و لا يشعر بالبردْ؟ !!
الأنبياءُ في كلّ مكان في هذا العالمْ
في دور العبادةِ،
في دور الثّقافة،
في السّجون، على الرّصيف، في التلفزيون
و في البرلمانات
و تحت الطّاولة و تحت حذائه
فلمَ لا يبتسمُ هذا العالمْ؟ !!!!!!!!!!!!
أ هو يحتاج لأوغاد أكثر ليبتسم؟ !!!
لِمَ لا يبتسمُ هذا العالم
و قد بدأنا المسرحيّة  بخروج عن النّص
و أنهيناها بخروج عن النّص
و ما بينهما كان خروجا اجباريا عن النًّص؟ !!
يقول المخرج:
هذه المسرحيّة ستجعل كل العالم يضحكْ.
يقول الرّكح:
العالم لن يبتسم حتّى...
فيتشاجر المخرج و الرّكحْ
و يغادر الممثّلون ليخيطوا من السّتار المُسدلِ ملابس للعيد الذي نسي أن يأتي منذ عشرين عاما
و أنا
مازلت أسأل ميناء طاعنا في البحر و في العاصفة:
لِمَ، أيها الميناء الحكيم، لا يبتسمُ هذا العالمُ
و كلّ ندوبه
يمحوها، بمهارة، أطبّاء التّعمير و المقاولات
و تلك العميقة جدّا
يبنون عليها متحفا أو يدسّونها تحت التّرابْ؟
أيّها الميناء الحكيم
الصامتُ كزحفٍ بائسٍ نحو الموت
لِمَ لا يبتسمُ هذا العالمُ
و تحت سلطته ملايين النّزل المطلّة على البحر
و على أحياء الفقراء
لِم لا يبتسمُ
و هذه المصانعُ لا تكفّ عن تبوّل ماركات جديدة
للسيّارات، لمكيّفات الهواء، لآلات الحلاقة
و لملابس داخليّة أكثر إثارة؟ !!
يحدّق بي الميناء،
يفتح سحّابة شاطئه،
يُخرج ناظوره الطّويل
و يتبوّل ضوءًا لا يشير إلى شيء
و يضحكْ !!
و أنا
مازال يؤرّقني سرّ عبوس هذا العالمْ.

عالم عابس !!!....بقلم هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 29 أبريل Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.