نخبُ القتلِ القَدِيمِ ....بقلم بله محمد الفاضل / السودان



نخبُ القتلِ القَدِيمِ
✒✒✒✒✒


الشَّاعِرُ أعمقُ من بِئرٍ لكن ماءَهُ على السَّطحِ


من أينَ تأتِي ضِحكةُ هذه الجميلةَ
متى سمِعتهَا قُلتُ:
جاءتْنَا رقصةُ الغزالِ ومُوسِيقى القمرِ


يا عينَ يا عينَ
هل بِداخِلِكِ
سِنٌّ، أم حنٌ، أم جِنٌ؟
تعالتْ الوُرُودُ حولكِ
أهي نارٌ أم نُورٌ أم دارٌ؟


صِحتُ فِي الحدِيقةِ:
أين عبِيرُ وردتِي؟
صِحتُ فِي النَّافِذةِ:
اِنخلِعِي
صِحتُ فِي الصِّياحِ:
لا تذهبُ أبدًا عبرَ النَّافِذةِ المخلُوعةِ


اللَّيلُ يُحرجُ النَّهارَ المُنهمِكَ في إِنارةِ شارِعٍ لم يبلُغْ وِجهتَهُ


في المساءِ
لا أحدَ يهوِي بِفأسٍ على بابِي
لِيرى إن مُتَ أم بعدُ
ومن ثَمَّ يُربِتُ على كتِفِي المقطُوعِ
يا لِوحشةِ البابِ تيبّسَ خشبُهُ جرَّاءَ عُزلتِهِ المِفصلِيَّةِ


أقُولُ
أعدمُوا العالمَ في ساحةٍ عامَّةٍ
وتعالوا نُغنِّي


والشّرُّ يفتحُ بابَ البيتِ
يصُبُّ في اﻷورِدةِ
التي ترُومُ أن تُخبِّئَ عِطرَ الودِّ
وتسكُبُ لِلحرِيقِ
الفاسِدَ مِما يسرِي بِسِجنِهِ
آهٍ ليتَ الوردُ جاءَ سائِلاً في سيرِهِ
نحوَ قُبلاتِ الرُّوحِ لِوجهِهِ الرّاعِفْ


وحين البِلادُ أسمك، حين البِلادُ جسمك
وحين خُطُواتك عماء
واشتهاءاتك أدراجُ الرِّياحِ، وأنت منحنى
أنت مُنعطف غير مُستخدمٍ
زوائِدُ حرشفية، قصرٌ شاهِقٌ بِقلبِ غابةٍ مهجُورةٍ
ولا يراكَ سواك، لا يُغرِقُكَ غُبارُكَ، لا تلتهِمُك وحدتُكَ، لَا تند عنك صرخةٌ مُزلزِلةٌ.....


مشدُودٌ كوترٍ
وتعزِفُنِي الأشجانُ


تُراقِبُنِي بِعينينِ طيِّبتينِ
فترى شياطِينِي الماشِيةَ على عجلٍ نحو ما تحتَ العينينِ


شابٌ أشترى لِوسادتِهِ ذاكِرةً مخدُوشةً
ومضى بِحذرٍ يحمِلُها إليها لعلّها تستدِيرُ إليها
ترتدِيها عِوضاً عمّا تختزِنَّهُ لهُ من ذِكرياتٍ
تُسهِّدُهُ...


الصُّراخُ الصُّراخُ الصُّراخ
ما أفعلُ اللّيلةَ بِهذا الضّجِيجِ الذي يُعرِّشُ بِقلبِي
يلُمُّ كُلَّ صرخةِ وجعٍ بكونٍ يتيمٍ


وترٌ ثانٍ سينبُتُ في يدِي
لأغرِفَ قصِيداً من مُحِيطِ الدّمِ
وأشربُ نخبَ القتلِ القدِيمِ
وهو يُؤسِّسُ لِكسرِ فمِي


أنثى النيل
----------

اِمرأةٌ، ستخجلُ حين تضرِبُنِي ذِكراهَا، أنا الذي ينسى اِسمَهُ عادة
ثم لا يمُرُّ يومٌ إِلَّا وقد تجسَّدْتَ فيه بِكُلٍّ نسِيانِي
اِمرأةٌ تحضر في زِينتِهَا، عرُوس نجلاء الرُّوح، أمطِرُهَا بِالأحلامِ الحُبلى
أشبِكُ غاباتِي
بِعينيهَا الناهدتين، أُنادِي أسرارِي القُصوى
أقُصُّ أقُصُّ، فينتصِفُ العُمرُ
وعِطرُ اِمرأتي من نارِ الأكوانِ
وأنا نيلٌ لا ينضج


حدِيقةُ الظَّنِّ
-------------

(1)
أُكثِرُ الظّنَّ بِسُقُوطِي عن صهوةِ اللّيلِ
ومن الظّنِّ بِأنِّي ممن يسِيرُونَ أثناءَ نومِهم على سرِيرِ الأخيلةِ
ومن اليقِينِ بِأنِّي ممسوسٌ بِوسواسِ الحُبِّ القهرِيِّ، أعنِي كأن أُحِبُّ قاتِلي، ومن يُفبرِكَ أخباراً سيّئةً عنِّي، يشِي بِها لِلحاناتِ والأزِقّةِ، ولا ينسَى قبلَ غفوتِهِ في فرحِ الفِتنةِ أن يحشُرَهَا حشراً بأُذُنِ الشّارِعِ
أُكثِرُ من إِمساكِ قرني النّهرِ وإِغراقِهِ في اِلتِباساتِ المارّةِ، من دغدغتِهِ حتى ينكفِئ على قفاهِ فرط الغِبطةُ، أصنعُ تيّاراتٍ يصعدُ عليها سمكُ الظُّنُونِ، ويرتجُّ قلبُ النّهرِ من الولهِ
(2)
أفتحُ بابَ التّجرِبةِ بِالظّنِّ
أدفعُ بِقدميّ إلى ساحاتِها
يتبعُنِي خوفِي اللّهّاثُ بِخرقِهِ البالِيةُ
أفتحُ رُوحَ الشّجرِ، الطّيرَ، الحجرَ، ... رُوحَ اللهِ
حين كُلُّ شيءٍ من رُوحِهِ
وبِسِرِّ حرفِي (كُنْ)
أُخفِي الشّرَّ في زكائِبِ النّدى، أخلِطُهَا بِالظّنِّ...
(3)
أيهذا الذي ستتّكِئُ عليكَ غمامةٌ سوداءُ تبحثُ في كُلِّ مساقاتَها على مطرٍ يُحِيلُها إلى يقِينٍ مُتباقِصٍ، أيهذا الذي من ولهٍ وخواصِ دنٍّ
أيهذا المُتلكِّئُ في اِعتِلاءِ الرِّيحَ وقد اِجتازَ غليانُكَ التّشبُّثَ بأفانِينِ الوترِ...
خُذْ زُوارِقَكَ وكُفْ البصرِ
(4)
لِزهرةٍ من حدائِقِ الرُّوحِ
اِهتدَى رونقُها لِلسِّحرِ
يتشابى لِلمقامِ ظنٌّ فظنُّ...


بابُ الحربِ
إلى نيالاو حسن أيول
-----------

لِم تركْ القتلى بابَ الحربِ مُوارباً
وعلى خشبِهِ المُشتعِلِ
اِتكأتْ اِبتِساماتُهُمْ الملائِكيةِ المقامُ؟
لن أقُولَ مُواربةً لِحمائِمِ الحُبِّ والسّلامِ
لأرِيجِ الزّهرِ والأرواحِ خلفهُمْ
لِلشّوارِعِ التي كان يتجمهرُ الهُتافُ على عينِيهَا، وتُدوّي الأنغامُ
لِزفراتٍ حرى من قُلُوبٍ حُرّةٍ صامِدةٍ بِوجهِ الظّلامِ
...
فلم يعُدْ من شيءٍ إلى شيئِهِ
خرجَ كُلُّ شيءٍ لِضدِّهِ
واِستقامَ
.
.
.
فلم إذنْ تُبقُونَ البابَ مُوارباً
لم تأمُلُونَ خيراً في الحُطامِ؟
8/7/2019
نخبُ القتلِ القَدِيمِ ....بقلم بله محمد الفاضل / السودان Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 09 يوليو Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.