إثنان و عشرون نص للشاعر اليمني أحمد الفلاحي
الشوارع قرابين وقداس المارة
المقاهي (.....)
وكأن طاغور مرّ هنا
المسافة بين البحر وبين عيونها
نشيد لم يُغَنَّ
تحتفل الساعات بالليالك وحيدة
الطيور
وغابات الفلين
وجه نيرون
ونحن
الجميع عطشى
الغابات تئن
لا دمع لدى الفأس
ولا تراتيل تكفي
لموتك غريبا في البحر
===================
حروف العلة الثلاثة
اختارتها اللغة بعناية تامة
انها وبحق حروف وجع
اخترعت لأجل وطن يتألم
**
البلاد البعيدة
البعيدة جدا
يغادرها الحمام
الحمام الوحيد
الوحيد جدا
لا يأنس لصوت القنابل
**
ماذا لو جربنا الحب
نحب بعضنا
كما يفعل الاطفال مع حلواهم تماما
وحين نجوع
نقضم اصابعنا
**
ابي كان معلماً للتأريخ
فاقتفى أثر الغراب
ووطني كان معلماً للصبر
فكنا أول القتلى.
======================
من يتمطى
ليرى دهشةَ الموتِ اذْ هاجمتك الذئابُ
يرى ظلّ روحك شاخصةً للسماء
وتسكب أفياءها كالغروب
من يسابق طيفك اذ تترجل غيب المسافات
عن وطنٍ أثكلته الخيانات منتشياً بالقبائلِ
في غسقِ الحرب
مرتدياً صرخة الموت
منتعلاً زقزقات العصافير
لا حلمٌ يتشكل الا أهالوا عليه التراب
"حاصرتنا القبائل ياصاحبي"
والقبائل عطشى
وأنت هنا نغمة قتلتها يدُ الريح
لا تلتفت نحونا اذ ترجلت قوس الشروق
وقلْ للسما حقدها أسودٌ
وقوس غوايتها مقصلةْ
هم العسس القادمون اليك
بجلد الذئاب
وفرو أخيك،
وطنٌ غائرٌ بالجروح..
زاهرٌ بالخراب
هم القاتلون وأنت ترى الله يلمع في فمهم
لاتصدق ذاك البريق
امتطِ سرةّ الكون
حيث ترى الله والكائنات تضمد جرحك.
ارتحلْ فالبلاد الرماد السواد الحِداد
والكائنات القبيحة تعزف بهجتها بالرصاص.
ليس ذا ما حلمنا به حين كنا نغني لها
دمتِ شامخة يابلاد.
" سوف نحمي كل ما بين يدينا من جلالك
وسيبقى خالد الضوء على كل المسالك "
صباحكِ غفار ممتشقاً روحه كالسياج
مساؤكِ غفار ممتزجاً قلبه بالشذاب
ايها الضوء في عتمة الموت
لا تلتفت
هم القادمون الينا
سرابيلهم بردقان
وكهف ولاياتهم يرقان
====================
حزين جدا
ولا أعرفُ أين أغدو
إلى النارِ متوشحاً جسدي
أم الى القيامةِ وحدي
تتقاذفني المتاهات
لا دربَ أكثرَ وحشةً من نفسي
أسلكها مغارةً بلا انتهاء
وأعاصفُ غابتي بي
حزينٌ جدا
أتبرمُ مني
ومن الفضاءِ
واللحنِ الجديد
لمَ على الوقت أن يحملني معه
لو انه يتركني للعتمةِ
ربما أرى الموت سريعا
أخطو برفقة خطواته الواثبة
اعرف أنه سيكون صديقي
الموت صديقي الذي يخذلني
كلما أستنجدت به.
حزين جدا
هذا المساء
أخاتل راية الله
وغصن السلام
لكن الحرب
أكثر حزنا مني
حزين جدا
وأفرح لو أستل مطرقة الموت
وأهوي
========================
لم تكن حربنا قط
انها ابتسامة ذئبين
فرّا من غابتين
الاول ذئب الجار
والاخر ذئب النار
*
تركوا وطنهم للغزاة
بطقوسٍ صغيرة
فاض نهر الدم
واكتحلت الامهات بالحداد
*
*
لا احد إلانا في الحرب
جثث مترهلة
ننتصر للرصاص
تحت سقف الموت لأمريكا
وأرباب البعير
فيموت الوطن
*
المفاوضات قذيفتك المؤقتة
تحت خدر الليل توغل بالطعن
لم تكن حربنا قط
لكن قتلانا اكثر
في كل بيت رغيف دمع
ومدخنة دم
====================
الغد ليس فرحاً غضاً
إنه ينبت شجرة الغريب
الغد رجفة لا تنتهي
وفي الغد تسلم الشمس نفسها
إلى روح بلا هوية
الغد موت وحياة
شوق وخوف
يتسع مثل فضاء
ويضيق مثل قبر
=================
سنوات كثيرة من الغياب
وأنت تزهرين كل لحظة في دمي
الليلة مثلا
تأتين محملة بك
تأوين الى مخيلتي
صافية كما الحب الذي بدأ
تشرقين في عيوني شمساً
وتهطلين مطراً مطرزا بالاياب
سنوات كثيرة
وأنا أهمس بك للاشجار فتورق
للطيور فتغرد
للمسافة فتزداد
ولي فأطير.
سنوات بعيدة
وكلما أبتعدت أقتربت
حتى أن الضوء يحملك
فأبصر
كل هذا الوقت
وأشواقي تمطر
فتعشب المتاهة
لم أكن لأغفل عن فبراير
ولا عن أيلول
البدء والختم
الليلة أيضا
تخرجين من شاشة الهاتف
كاملة البياض
تفوح منك رائحة الآحاد
أعمدك بالنبيذ
وأنتصر على كورونا
بالدخان
لا أعني الحرب بالطبع
أعني
البخور
والحناء
والوطن المنكوب.
20/06/2020
===============
قريبا من المهد وبعيدا عن ظل البحر
يخمش المهاجرون يد الغرقى
فيما لو لملمت الموجة بقايا قارب في الجوار
لن يعيد تلك الطفلة الى حضن أمها
الغزاة القاطنون أعلى الرف
يسكبون النار على البتلات
وحدها الحدائق تبكي
والموتى يعرجون على قدم الريح.
قريبا من أوطان الرماد
وبعيدا عن الضفة الأخرى
ينتصب الموت عمودَ انارة في ليل حزين.
يرخي حباله على التل المجاور
ويعشش على المنارات
الفنار لم يعد يدل البحارة على المرافئ المضيئة
مثلما تتبتل النوارس للموج
يصلي اللاجئون لالهة الحياة
أم الاله الذي تركوه في أوطانهم
ينتصر للموت
ويكره الهزيمة
===============================
بالغياب مزروع
بين جشع اقطاعي
وفرحة جائع برغيف حاف
لفائف التبغ واحدة واحدة
ترسم بدخان مرّ أطياف وجهك
قلما يعبر الضوء من مسامات الوجع
كيف أدخل اليك وهجاً يرفرف في عيون الابدية؟
أنا الطاعن في العتمة
اول الخريف اومض ويسقط ما تعلق من وطن.
مالذي سيحدث لو غادرت وطني تماما
في المترو اترك محفظتي للسرّاق
وفي الجيب الخلفي تتلهى قطة مع فأر السد
أنشغلُ بقبلات ترمم تشققات شفاهي
"امرّ على بائعات الهوى الاسيويات في "شارع سان دوني سترازبوغ
ليس لدي ضغينة تجاه بائعات الحب
فقط لا ارغب بتقبيل الافواه المشرعة للريح
لا شيء افعله سوى العبور الى pigalle
بعد الحرب الاعضاء التناسلية في الشوارع
والورد البلاستيكي يحاصر صباحاتي الفيسبوكية
مالذي سيفعله يماني ضارب في اللوعة
امام ثقافة التوك شو وال sex shop
كيف سيفتش عن منفى اخر؟
لا شيء غير النبيذ مع خبر حاف
يقاسم السين عطشه ويندبان حظهما بالفيضان
قبل ان تأتي الحرب
كانت الارض قطعة شكولاتة بيد طفل اناني
والان اصبحت الضفيرة خطأ المغني
من يقترف النغم امام عرافة الايدلوجيا
يصطفي من الحقل فراشة لا تعرف التوقف على متك واحد؟!
بالغياب مزروعة يد النسيان
موغل بالرقة والحكمة القديمة انت
لا تترك ذاكرة الضوء مشرعة للرماد
أومض في صدر العتمة
اهمس للفجر بشقشقات الشفق
بحبات الشوق المتناثرة في فضاء البوح
اترك للعرافة لذة انس الضحية
وطنك اوشمه كخريطة نار في بطنك
وعلى فخذك الايمن ارسم خارطة المنفى والحب
صلِّ لتنال الحب الخالص
وألا شريك يقاسمك الثغر
ألا شريك يقاسمك الشهد.
منذ أعوام.
========================
كدتُ أتوبُ
لولا تداركني الله
أشْعَلَ فيَّ حرائقَ وَجْدي..
أنْسَللتُ من الذكريات،ِ
ارتفعتُ الى سدرةِ اللوّن
مزقني قابُ قوس اللغاتِ
وأسكنني بين خاصرة الآه
أولجني في مقامِ الدموع.
كدتُ أذوبُ
لولا تخاطفني النهدُ
أردفني فأسْتَعَرْتُ
وأدخلني الليلُ بهرجة الحلم
يا ليل إني ثملتُ
وما مسني من لغوب.
===================
مثل اذاعة عربية
على مذياع في ريف بعيد
أحاول البحث عنك
أركن الى الموجات الطويلة وضوضاء لا تنتهي
أعتب على الرعد تداخله مع صوتك
وعلى الريح مع أنفاسك.
مثل غريب في مدينة الرباط
يأوي الى صخرة في البحر
ولا يجد قنينة فودكا
لا أجدك على صدر الموج
لكن الغربة تخبر البحر أنك في الجهة الاخرى
والبحر يخبرني أني غريب
والسماء تسرد غيمتين وبرقا
وأنا أبحث عنك عبر المذياع
كأغنية يتيمة
رجعت للتو من طبيب أعمى
كأنما مدية تأوي الى حنجرة
بيد حمراء
========================
تعالي نتقاسم الدخان معا
أنت بعلبة سجائر "الكنت
وغمازتيك
وأنا بشفتيّ وقداحتي
نشعل الغابة ونضحك على الاطفائي
يحاول عبثا اخماد حرائقنا
أعرف أنه الحجر لكن
يمكننا الاختباء خلف "لوحة القبلة"
نجمع الرذاذ ونتعانق خلسة
الدخان المتصاعد أزرق
شفتانا عناب ونبيذ
ننفث ما ختم الزمان على بريد الشوق
ونطفئ أخر لفافة تبغ على نهد الموناليزا
============================
الحطابون الذين مرّوا بنصٍ ثانٍ
هنا يمرون أيضاً
وبمعاول اضافية
لايقصدون الاشجار المتصلبة
المتعانقة المتدفقة المتلملمة
أو الارض الجدباء الحرباء الغبراء
يقصدون قلبي الصامت الشاهق الوارف
تبجل اسمه
وتعاليتُ عن عطب الدخان
الحطابون وهم يمرون قرب حديقتي
يفرون نحو القنافذ
يحفرون القش
ويحتطبون الكلام
ونحن
نذيب الصمغ المتناثر
في ساق الشجرة الطويلة
الشجرة التي طالما اغرت الفؤوس
اغرت الطيور
اغرت القرود
وتلهفت لشغفي
وأنا
انا الذي لا أحتطب غير قلبي
أقذفني الى أعلى الشجرة
لأستعير من الشمس فأسي
======================
غميضة
كأننا نلعب الغميضة ايضا
أبتسم لأطفالها خلسة وأختفي
وهي تعشب فوق مفاصل غوايتي
تحبس أنفاسها عني كلما أوقد الله فيّ الودق
-يكاد سنا برقها يذهب بالاحزان-
كأنها تغيب مع أول شهقة للموج
و تشرق مع أول انحسار للظلال
وأنا الذي لا يتقن الوصفات الليلكية للتوهج
أرتل صلواتي على حافة دهليز أزرق
ليس لدي اطفال لتحب أطفالها
ولكن لدي قلب طفل
هل يكفي لأجعلني طفلا ثالثاً
وأجعلها ورقة يقطين
لنختبر الأمر بقليل من المكر
هي تقترب مني بمقدار ابتسامة
وانا اقترب بمقدار ابتسامتين
أنا أختفي لدقيقة الا شهقة
وهي تنعكس ظلاً على جدران مئذنة
لا نجعل (سبارتيل) شاهدة على (الكاب) الا بقدر شامة وشارة
لنمرَّ أيضا الى غيمة زرقاء
بدلا عن الارباك
نسابق الدراويش في مدائحهم
ونخمش من وجه السماء رغيفاً لأطفالنا
وبمزيد من الحرية
نقتفي أسراب البجع فوق قباب الصفو
ومئذنة البحيرة
ونرحل بعيدا عن الجائحة
=========================
الخطوات المتثاقلة
والتي أجرّها بعيدا عنك
أبطأ من خطواتك الشيطانية
هذه المرة..
والصيف يبوح بهمسه إلى الماء
لا أكترث للاعشاب البرية
والتي تستخدمينها لترمم تشققات وهجك
المساء حافٍ من الاسرار الا عبق الدفلى
ووجع الفجر،
وكالعادة أشتري ثقباً يتسع لخروجي من دائرة القن
لن تكون المرة الاخيرة لأتسرب من قنينة الرؤى
كعادتي عندما أرى الضوء يرحل
اشعل قنديلي
ولا أكترث للرحيل.
منذ ثلاثة اعوام
==============
في الجرف قبعة ساحر
وحمامة سوداء
في القبعة وطن أبيض
يخرج عند كل غروب
في كل غروب
تبكي الامهات
ويستطيل الجرح
ماذا لو مرت قاذفة اللهب خلف الاشجار؟
الرماد سيغطي الجرف
وتخذلنا يد الساحر.
==================
ما لا تراه عيناك
كوب من الفراشات الملونة
وأغطية القناني.
من يغفل عن الحرب
يشرب كأس بكاء
وينشد للريح.
ما لا يراه قلبك
وطن طاعن في الهشاشة
أضواء الموت على النوافير.
من ينام عن المدينة
يصحو على بخور الدم
ويهتف للنشيج.
ما لا تمسه يداك
عطب النهد
وأبخرة الأسرة.
من يدلف الى البيت
يخرج في الصباح
باصبع واحدة
ورقبة حمراء
ووطن ذبيح
================
هذا اليوم
أمك وحدها من تعرف أنك هديتي
لذا زرعت لي زهرتين على خدك
لكن هل صحيح أنك فيّ لا تألفين الماء؟
اليوم أنت قبلة في شفاه البرق
نجمة في سماء تاسعة
آلهة في معبد بوذي
وعندما أفتش عنك
أجد البحر يأخذك الى البعيد
وأجد أنك عدت كباديء الامر
تفتشين عن ظل للريح
وعن مستقر للضوء
هكذا أنت
تضحكين فيزهر قلبي.
==================
في عيد الوحدة
أرسم بيتاً من خشب
ونوافذٙ بيضاء
وطاولةً لأثنين
على الطاولة أكتب
"وطن يبكي"
يمسح اخي طاولة البيت
والبيت
ونافذة الشمس
ويبكي
===============
اقتربَ من جذوة النار
ولم يخش الحريق
لكنه لم يدرك طعم الحرب.
ظل في البعيد
يرقب مسبار المجرة
ولم يتذوق طعم الجاذبية
فابتعدَ عن النبع
وورث الماء
لكنه لم يسبح يوما
ها هو الان يعوي
لكنه لم يجرب مذاق الفريسة
لحظة اكتمال القمر.
إنه يبتسم للغفران
لكنه لم يقترف الخطيئة
ولم يستجب للوشاة.
================
أعرف أنك في البعيد
الطريق اليك مسافة ضوء وغابة سهام
تجلسين على أريكتك
تطالعين كتابك
وشاشة التلفاز الكبيرة
وبين فينة وأخرى تطلين من على الفيسبوك
تنتقلين كفراشة بين الجدران
اعرف ايضا أن جداري هو الوحيد الذي لا تأبهين له
ربما ما يشعرك بالفضول تجاهه
هو تعليقات النساء الجميلات
وتعتقدين أن الضوء الذي ضربني معك
ربما ضربني مع أخرى
أعرف أيضا أنني :
أصبحت جدارية في المنفى
طاحونة الهواء في الحي اليهودي
ابريقا للشاي يستخدم فقط في مناسبة واحدة
وأنك الان ترتدين معطفا يشعرك بالدفء
لكن مالا تعرفينه
أن الشاي بنكهة البرتقال على حاله
والزعتر اليومي يسبح باسم بشفاهك
الان:
أترك الليل وحيدا
الشمس دون نحتها على جسدي وشماً يمانيا
كلما أبصرت عيونك
أهمس الى الهدهد بوشاية
وللملكة بقبلة وصرح
ولرمضان بفانوس
وزجاجة نبيذ
وانت لك ان تجدي قارورة العطر
وڨميصي الذي قددته في الخريف.
=======================
تجف الليالي
ويأسرني التأمل
خذني أيها القمر الى نبع الضوء
وأنت ايتها النجوم دثريني بالمتاهات
سأخبر درب التبانة أني لن أعكر صفو الثقوب السوداء
سأهبط إلى الارض عاريا الا من الحب
الحب خلاصنا
أنثر الاشواق على المطارات
وأكتب على ناصية التلال :
أيتها الحرب نحن أبناء أيار وتموز
عشتار التي تركناها تموت
تأوي الآن الى مخدع الصمت
من يشتري مني غبار الحرب
وأعطيه نافذة الشمس
وأغاني الحقول
من يذهب الى حيث الظلال
يزرع ضحكة لأطفالنا
يسترق من القاذفات جذوة
فيضيء .
أنا الجندي الذي خذله أيوب
سرق الصبر
مع قادة الخراب
أنا المتراس الذي تراشقته الخيانات
خلفي تتوسد الجثث
وأنا الجثة المجدولة الاطراف
على الرصيف
أكتب أغنية يتيمة
وأزهر في الشقوق.
================
إثنان و عشرون نص للشاعر اليمني أحمد الفلاحي
Reviewed by مجلة نصوص إنسانية
on
01 يوليو
Rating:
ليست هناك تعليقات: