ستة و عشرون نصا للشاعر السوري أيمن معروف


•••

لو أنَّ لي ما للقصيدةِ
منْ معانيكِ البهيجةِ لاقترحتُ اللّيلَ أخضرَ،
في سريرِكِ،

حينَ داهمَني الكلامُ
رأيتُ وردَكِ في انكشافِ النّومِ، يزهرُ. كانَ صوتُكِ
ناعساً ومبلَّلاً بالضّوءِ يأتي منْ مجازٍ ذاهبٍ
في ليلِ قصدِكِ،

كانَ وجهُكِ غافياً في الظِّلِّ،
يعقدُ ما يكونُ منَ الدَّلالةِ في بهيجِ السَّردِ،
سَردِكِ،
،
،
كنتِ وحدَكِ منْ
يُضيءُ المفرداتِ وكانَ صوتُكِ وهجَ صوتي
في القصيدةِ.

كانَ وجهُكِ ما يُشيحُ
عنِ المعاني، ثمَّ يأخذُني بعيداً في التّصاويرِ البليغةِ
والجلالِ الصَّعبِ. أنسى ثمَّ أذكرُ في دِنانِ
الخمرِ، مجدَكِ،

عالياً، في دوحِ هذا النّورِ
ينهبُ في خِلالِ اللّيلِ أوردتي ويشهقُ
في دمائي.

لو أنَّ لي ما للقصيدةِ
منْ معانيكِ البهيجةِ لاقترحتُ اللّيلَ أخضرَ،
في سريرِكِ،

ثُمَّ طفتُ اللّيلَ
أبهى وانتخبتُ لمائِكِ القدسيِّ
منْ شَغَفٍ إنائي.

•••

...
   في خِفَّةِ القَولِ
   أوْ في مَكْرِ وِجهتِهِ
   ينمو الكلامُ مريضاً
   في بدايتِهِ.

   ينمو على وَهَمٍ
   أنمو بهِ قَلَقاً أنْ يستطيلَ
   إلى أقصى غِوايَتِهِ.

   فأُمسِكُ الحرفَ
   كيْ أَلْوي ضَراوَتَهُ
   وَسْط الهدوءِ وأنأى
   عنْ صرامتِهِ.

   أنوي على جهةٍ فُصحى،
   فأهدمُها وأبدأُ القَوْلَ منْ
   مجهولِ وِجهتِهِ.

   أُقلِّبُ الصّوتَ
   في المعنى وأُتْلِفُهُ،
   علِّي أفرُّ منَ المعنى
   وسَطوَتِهِ.

   تكفي،
   منَ الكلماتِ البِكرِ أوهنَها
   ما قوّةُ الشِّعرِ إلاّ في
   هشاشَتِهِ.
.-------------


•••

عنِ امرأةٍ ، لا تُحِبُّ الصّباحَ .
وعنْ جارِها المتورِّطِ في حبِّ جارتِهِ .
عنْ سماءٍ خُلاسِيَّةٍ تشبِهُ النّهرَ
حينَ يمرُّ بهِ العاشقانْ .

عنِ الوردِ ، يخرجُ في نزهةٍ
مثل كلِّ الصَّبايا ، ويضحكُ حينَ يسرُّ
لهُ العشبُ ، ما قالَهُ الأقحوانْ .

وعنْ لغةٍ ، في برارٍ جماليَّةٍ
تشبهُ الوردَ خاطَ تواشيحَ أزرارِهِ أثَرٌ ناعمٌ
منْ هواءٍ خفيفٍ وحاكَتْ تواقيعَ
ألوانِهِ منْ جُمانٍ يَدانْ .

كأنّي ، أُرتّبُ فوضى الكلامِ
وقد داجَ ضوءُ المرايا لأشرحَ في البُعدِ
ضوءَ المرايا تَماوَجُ في إثرِها صورتانْ .

ولكنّني ، لستُ أكثرَ منْ شاعرٍ
فاتَهُ أنْ يرى ما يرى منْ جمالِ المكانْ .

ولو أنَّ لي حِصَّةٌ منْ خيالِ المغنّي
لقلتُ بأنَّ الحكايةَ أبعدُ في السَُردِ أقربُ في
الوعدِ منْ شرفةٍ في المجازِ يحطُّ
على لطفِها طائرانْ .
--------------------

...

في هُدبِهِ
شمسٌ تُضيءُ سماءَهُ وعلى
جناحِ الضّوءِ تحرسُ
ماءَهُ .

هو هُدهدُ
الأوقاتِ هَدهَدَ وقتَهُ نوراً
ومَدَّ على المدى، :
أرجاءَهُ .

عبرَ الضّياءَ
على مدارجِ وَهْجِهِ واستلَّ
منْ إسمِ السّنا،:
أسماءَهُ .

وانثالَ في
عطرِ الصّباحِ قصيدةً ليُحيكَ
منْ عطرِ الصّباحِ،:
هواءَهُ .

حتّى رأيتَ
اللّهَ يكلأُ نورَهُ ويقدُّ منْ
نَسْغِ الخلودِ،:
بهاءَهُ .

ورأيتَ كيفَ
الحقّ يرسمُ وجهَهُ ويُنيرُ
في حَيْفِ الدُّجى،:
آلاءَهُ .

وكما يشاءُ
اللُّطفُ يجلو وجهَهُ قمراً
ومنْ لُطفِ العنايةِ،:
شاءَهُ .

أَوَلا ترى
بردى يُعَمِّدُ ماءَهُ بالضّوءِ
منْ أهدابِهِ،:
فأضاءَهُ .

وطنٌ يظلُّ
على الزّمانِ منارةً حتّى
ولو حشدوا الظّلامَ،:
إِزاءَهُ .

*

أَلْقَوْهُ في
جُبٍّ وخالوا أنّهمْ أَخْفَوا
شَرارةَ وَهْجِهِ،:
وإِباءَهُ .
 
لكنّهُ سيظلُّ
نوراً ساطعاً ويشلُّ
في ليلِ الرّدى،:
أعداءَهُ .
----------

أَضَأْتِ
بعينَيْكِ هذا الوجودَ
فصارَ الوجودُ
بعينيَّ،
أحلى.

وأعطيْتِ
منْ كوْنِكِ الوجدَ معنىً
ومنْ طبْعِ تكوينِكِ
الكونَ،
شكلا.

أنا
لستُ أوّلَ قتلى هواكِ
فكم مرَّ قبْليَ في
العشقِ،
قتلى.

فمنْ
أنتِ يا وردةَ العاشقينَ
إذا لم تكوني
لنجوايَ،
ليلى.
---------

•••

هَبْ أنّي،
مُنْشَغِلٌ عنّي
ودموعي مثلي،
مُنْشَغِلَةْ.

وبأنَّ،
ثلاثةَ أرباعي
منهوبٌ، ودمائي
وَسْـطَ دمائي،
مُشْتَعِلَةْ.

وأتاني،
في اللّيلِ الجاني
بُهْتاني، والْتَمَّ جميعُ
القَتَلَـةْ.

هَـلْ
يُكْمِـلُ نَصِّي،
غَيْـرُ سمائي اللّا..
مُكْتَمِلَةْ.
---------

🌾🌾

أفكِّرُ فيكِ،
إذا نهضَ الوقتُ منْ وقتِهِ
وتمشّى قليلاً على طَرَفِ البحرِ
ماذا سيفعلُ بالبحرِ، دونكْ.
*
أفكِّرُ فيكِ،
إذا انتبهَ الوردُ في غمرةِ الوردِ والعطرِ
ثُمَّ تنزَّهَ بينَ النّدى والصَّبابةِ
ماذا سيفعلُ بالعطرِ، دونكْ.
،
،
أفكِّرُ فيكِ،
وقد نالَ منّي الصّباحُ وروحيَ شتُى
فماذا سأفعلُ بالصّبحِ، دونكْ.

🌾🌾

••• ١ •••

كنتُ شاعراً.
أكلَني الذّئبُ في الطّريقِ
ولم تلتفت السَّيَّارَةُ والمارَّةُ والعائدونَ
منَ الصّيدِ، لوجودي.
*
هكذا،
اكتشفتُ اسمي في النّسيان
وسرعانَ ما ضيَّعتُهُ
في النّسيان.
*
صار النّسيانُ
مادَّتي الخام يمحوني ثُمَّ يُعيدُ
تشكيلي ويوصلُني منْ  جديد لأتمَّ
عدّةَ الجنون.                          .                                                                                                                              
*
الاتّجاهاتُ
ندوبٌ في مرآتِيَ المُحدَّبة
ودمي، بحذافيرِهِ في كلمةٍ سوداء
على الجريدةِ، أبيض.
*
ابْيَضَّ دمي.
والأيّامُ الضّخمةُ جعلتْني أجرُّ رأساً هائلاً
ومجنوناً طوالَ تلك السّنين،
وأركض.
*
أركضُ في داخلي.
أركضُ في كلِّ اتّجاه. دونما أسفٍ
أو ندمٍ، أركض.
*
منْ سلالةِ العدّائين.
ومع هذا لم تذكرني الإذاعاتُ أو تأتي
على اسمي الصُّحف.
*
أرمي جسدي
مثلَ شيءٍ في الطّريقِ،
وأركض.
*
أُلمِّعُ كوارثَ النّهار
وأحملُها مثل أخطاءٍ قديمة
ولا أستعمل التّذكّر.
*
أُقشِّرُ
كَمْأَةَ الغيابِ، وأبكي. أبكي،
وأنا أركض.
*
أجعلُ منْ حبّاتِ الدّمعِ
أعشاشَ طيورٍ أكمنُ لها في قلبِ الوردةِ،
وأركض.
*
أركض. أركض.
أركضُ دونَ اتّجاهٍ. أركضُ
دونَ أثر.
*
نسيتُ،
حياتي، هناكَ، في
الركض.
*
ملءَ يدي
ثلاث علبٍ للتّيه وثلاثُ حماماتٍ
تلمعُ في عينيَّ وعلى جبيني
قوسُ قزح.
*
أنا،
شجرةُ نسيان طويلة.
أركضُ، في البلادِ الّتي ليسَ فيها
سوى الرّكض.

••• ٢ •••

أنامُ عادةً
كما ينامُ الذّئبُ بعينينِ برّاقَتَينِ
مفتوحتَينِ على اتِّساعِهِما،
وأحدِّّق.

التّحديقُ مهنةٌ
في غايةِ الخطورةِ والجمالِ لمنْ
يُجيدونَ مهنةَ التّحديقِ في
هاوية.
*
تعلّمتُ هذا باكراً،
واستثمرتُ عادتي في التّحديقِ،
ألتهمُ موتي، وأكتب.

كلُّ الّذينَ،
ذهبوا إلى موتِهِم باكراً، ذهبوا لأنّهم
حدّقوا طويلاً وباكراً،
في الهاوية.
*
بدر شاكر السَّيّاب،
رأى طائرَ الماءِ يحملُ قشَّةَ العدمِ ليؤسِّسَ
على ضفةِ الخابورِ بيتاً يكبرُ ويكبرُ
أمامَ عينيهِ
وهو
يحدّقُ في تلك العتمةِ العدميّةِ ويلتهمُ
موتَهُ، ويكتب.
*
لوتريامون
وهو يطوفُ بأغانيهِ ويحدّقُ
في الأبديّةِ اللّاشيء
ويكتب.

لوركا،
وهو يفتّشُ عن حجَرِ الشّمسِ
ويحدِّقُ في الهاويةِ الأزليّةِ
ويكتب.

ماياكوفسكي،
الّذي رأى عامِلَ الانتحارِ وهو يلتهمُ
الهاويةَ الّتي هناكَ في الأعالي،
ويكتب.
*
البارحة،
انطفأتْ عينايَ، وأنا صرتُ
بلا مهنة.

عيني اليسرى
مثل لَقْلَقٍ ضالٍّ تزاولُ عملَ اللّاشيء
بعد أن فقدتْ قدرتَها على التّركيز
وهي تُحدِّقُ في هاوية.

أمّا اليمنى
بالكادِ هي تتلمّسُ بينَ باديَتَينِ سوداوَينِ
زرقةَ ذلكَ الخيطِ وتكادُ أنْ تنهي
عملَها وتنطفئ.
*
لقد،
التهمتْ الهاويةُ،: - كلَّ شيء.
        ----------------

🥢

ليسَ،
منْ عروَةٍ في قميصي
ولا جَيْبَ لي.

ليسَ،
منْ زهرةٍ في الطّريقِ
ولا منْ حفيفٍ،
ولا نسمةٍ،

كلُّ،
ما هُوَ لي.. ليسَ لي

والّذي،
فاضَ عنْ دِقَّةِ القولِ
والوصفِ صوتُ،
شَجَنْ.
،
،
ما اسمُ،
هذا الّذي رَجَّني.

ما اسْمُ،
هذا الّذي شَجَّني.

كلُّ،
ما هُوَ لي.. ليسَ لي
وقميصي،
كَفَنْ.
------------

•••
وأشهدُ ، أنّي أحبُّ .
أحبُّ إلى حدِّ أنَّ القصيدةَ بيتي إذا عافها الأكرمونَ
وأنَّ الهوى معبدي في الهُيامْ .

أُسمّي ، الصّباحاتِ باسْمِكِ .
ثمّ أُدندنُ كُرمى عيونِكِ بعضَ الأغاني وأهدي لأنوارِ
وجهِكِ شمساً وورداً وقوس غمامْ .

/أنا ، عادةً ، لا أصلّي ./
ولكنّني ، كلَّ يومٍ ، أسافرُ نحوكِ أُلقي على الياسمينِ
المعرِّشِ في بابِ بيتِكِ بعض السّلامْ .
              -------------------

...
لا. لستُ
زرقاءَ اليمامةِ غيرَ أنّي قد رأيتُ غدي
مساءَ البارِحَةْ.

يقتاتُ منْ
لحمي وينشرُ عند بابِ اللّيلِ في غدِهِ
الكفيفِ الرّائحةْ.
         -------------

..

اللّيلُ أغنيتي وسرّ
صباحي.

اللّيلُ ساريتي
وضَوْعُ محابري وسوادُهُ
خلفَ المدى
ألواحي.

اللّيلُ إيلافي
وأوّلُ ما رأتْ عينايَ
قبل توقُّدِ
الإِصباحِ.

اللّيلُ بيتي.
فالنّجومُ حدائقٌ وخفُوقُها
طَيَّ الدّجى
مفتاحي.
---------

•••
سوف، يسألُني عنْ مَحَبَّتِكِ، اللهُ.

كيفَ، سأُفضي، إذَنْ.
أنتِ، آيتُهُ في الجمالِ وسُورتُهُ في
الخيالِ وصورتُهُ في
الجلالِ.

أنتِ، نجوى ورجوى
ومنْ حولِكِ الضّوءُ يُغْضي إذا مرَّ
خطوُكِ بينَ الممرِّ ووجهِ
الصّباحِ

وأنتِ، إذا قيلَ وردٌ،
تبسَّمَ في مَشْيِهِ الوردُ حتّى، إذا
ما نهضتِ منَ النّومِ واخضرَّ شكلُ الفِراشِ
تململَ في نومِهِ اللّونُ أبيضَ
بينَ المرايا

وحطَّ على الوقتِ منكِ
مجازٌ غريبٌ يتيهُ بأسرارِهِ، المُعجَمُ.
 
قبلَ أنْ يَجلُوَ الضّوءُ
أقراطَهُ في النُّعاسِ وتصحو على
قَوْسِهِ، الأنجمُ.
     -------------

•••

ذلكَ اللّيلُ،
لم أقترِفْ باسمِها أيَّ إثمٍ،
ولم نلتقِ.

كلُّ، ما ينتمي للقصيدةِ، كانَ،:

خصوصيَّةُ الضّوءِ
والماءِ، شكلُ الهواءِ وشيطانُ هذي
الغوايةِ، سحرُ المجازِ ونهرُ
الكلامِ الأنيقْ.

لمْ يكُنْ،
ممكناً أنْ أميِّزَ جوهرَهُ
وحوالَيَّ منْ زَهَرِ اللّيلِ سَبْعُ زنابقَ
مشغولةٌ بالقناديلِ.. ،

أوّلُها، واضحٌ كالمرايا
وأوسطُها غامضٌ كالنّوايا، وآخِرُها
مُدلَجٌ بالرّحيقْ.

كنتَ،
أقرأُ في معجَمِ اللّيلِ، أحوالَها
وأعاينُ في دفترِ الشِّعرِ، أمثالَها
في الحريقْ.

وأصلّي،

لأهوالِها،
في الجحيمِ الّتي اتَّسَعَتْ
ولمْ تَتَّسِعْ كُوَّةٌ في
الطّريقْ.

كلُّ، ما ينتمي للقصيدةِ، كانَ.

وكانَ عَلَيَّ،
الذَّهابَ لأنهبَ منْ قَمَرِ الشِّعرِ،
هذا البريقْ.
    ------------

🌿

ليسَ لي أُخوةٌ،
كيْ أقولَ أنا صاحبُ الجُبِّ

كلُّ الّذينَ،
ادَّعَوا أنّهُمْ أُخوتي ذهبوا
مثل عادتِهمْ كيْ يُسرِّحوا أغنامَهُمْ
في الصّباحِ،

وظِلْتُ،
إلى آخرِ اللّيلِ أبحثُ عنْ
إبرةِ الضّوءِ، عنْ
نجمةٍ

مَرَّ ما مرَّ
منْ زمنٍ وأغانٍ وأسئلةٍ وظنونٍ
وبعضِ قصائدَ مجنونةٍ
في الطّريقِ

ولمْ أَرَ،
شمساً ولا قمراً، أو أرى كوكباً
سابحاً في المجرَّةِ

قلتُ،:
هوَ الجُبُّ، وهمٌ
ووهمٌ هوَ الصّوتُ، والضّوءُ
وَهمٌ، وهذي القصيدةُ وهمٌ، ووهمٌ
هوَ، الوهمُ

في الوقفةِ التّالفَةْ.

،

غيرَ أنَّ
الحكايةَ أدهى،
فذئبُ القصيدةِ يلهو على
بُعدِ مترينِ

وهذا الدَّمُ،
المتوثِّبُ فوقَ القميصِِ
دَمٌ يتوثَّبُ في نَهدَةِ الرّيحِ

واللُّجِ والعاصفَةْ.
       -----------


🌾🌾

ولو تفعلينَ
كما تفعلُ الشّمسُ تشرقُ
منْ كلِّ صوبٍ على
الكائناتِ

ولا يتبقى منَ الكلماتِ
سوى ما يشفّ على هيئةِ الظّلّ
عند انحدارِ المغيبِ على شفتيَّ،
لقلتُ،: - أحبُّكِ.
،
،
إنّ المحبّةَ شمسٌ
وإنّكِ أعلى إذا تنهضُ
الشّمسُ مثلكِ

إنّكِ روحُ الضّياءِ
وروحُ الكلامِ وروحُ الحروفِ
إذا طافَ في بيتِ جسمي،
نهارُكِ.

ثمّ تهادى، وفاضَ
يرفُّ على أوّلِ القلبِ قلباً،
توقّدَ بين الحروفِ،
وقالَ،: - أحبُّكِ.
،
،
إنّي أحبُّكِ للمرّةِ الألْفِ
ثمّ أحبُّكِ للمرّةِ الألْفِ، ثُمَّ أحبُّكِ
في مرّةٍ، مرّتينِ وأمضي إلى ما يشاءُ
الزّمانُ، وأندهُ في الشّمسِ،:
- إنّي أحبُّكِ.
،
،
يا ما أُحبُّكِ،

قلتُ، لهذا الصّباحِ،: سلامٌ عليكِ.
سلامٌ على وجهِكِ الحلوِ مرَّ على
زَهَرِ الوردِ مبتسماً، كالورودِ

ومرَّ، على الرَّنْدِ يضحكُ
في بهجةِ الرَّنْدِ، والأغنيّاتِ،

وقلتُ،: سلامٌ، على
القهوةِ المُشتَهاةِ إذا مرَّ طيفُكِ،
قلتُ،:  السلام.. السلام..

وقلتُ،: - أحبُّكِ.

🌾🌾


🌾

أنا،

منذ وقتٍ أسافرُ، نحوكَ
لكنّني، لم أصلْ حَدَّ تلكَ الطّفولةِ
حتّى، أقول ،: - إلهي وصلتُ
وبينَ يدَيَّ ثمارُ،
الكرزْ.
،
،
وما،

عدتُ أقوى على شرحِ
ما تقتضي زهرةُ النّارِ، ما عادَ، في
شهقتي ما يسرُّ،
ويُدهشُ

كيما،
أُعِدّ اكتمالَ هوائي النّبيِّ
يمرُّ على رجفتي في حقولِكَ.

منذُ،

انهمارِكَ في زَغَبِ الصّمتِ نهراً
ومنذُ اختلاجِ رحيقِكَ في دفترِ الأغنياتِ
ومنذُ انفراطِ سمائِكَ في،
الحبرِ

رحتُ،
أفتّشُ عنكَ وأجمعُ ما كانَ منكَ
تناثرَ في الكونِ مثلَ،
الخَرَزْ.
،
،
إلهي،

وكلُّ البَهاءاتِ شَحَّتْ
 ولم يبقَ في الحبرِ غيرُ مداكَ،
البهيّْ.

أضِئْني،

إذا مرَّ في البالِ منكَ حبيبي
- وأنتَ ترفُّ على وِجهةٍ في النّدى -
وجهُ ذاكَ
الصَّبي.

🌾

أمر مُهمّ

أنا
لستُ مُهْتَمّاً بشيءٍ
رغمَ ما في العالَمِ الوحشيِّ
منْ قتلٍ
ودمّْ.

أنا
لستُ مهتَمّاً
ويحدُثُ أنْ أُفيقَ إذا غَفَوتُ
وإنْ أفَقْتُ أقولُ
،: نَمْ.

لا
شيءَ يعنيني
فإنّي محضُ شيءٍ شاخصٍ
منْ غيرِ عافيةٍ
وفَمْ.

لا..
شيءَ. قلْ لي ما الّذي يعنيهِ
هذا العالَمُ الوحشيُّ
والأعمى
الأَصَمّْ.

أنا
لستُ مهتَمّاً
وهذا كلُّ ما في الأمرِ منْ أمرٍ
ومنْ شيءٍ
مُهمّْ.
-----------


أنا واضحٌ،
أعني الّذي أعنيهِ منْ معنى
ويذهبُ في سبيلِ اللّيلِ، قَصدي.

أدنو بلا سببٍ
وأنأى دونَ عِلْمِيَ في الطّريقِ
وإنّني في الإنْسِ، ضِدّي.

إنّي اختلفتُ
معَ الوجودِ بما أُريدُ ولا أُريدُ
منَ الوجودِ وسَيْلِ وَجدي.

إنّي اختلفتُ
معَ اليقينِ وليسَ لي في الشّكِّ
غيرُ الشّكِّ ما أُخفي وأُبْدي.

إنّي اختلفتُ
معَ الكلامِ لكيْ أراني في الكلامِ
المُرِّ كيفَ أكونُ بَعدي.

أنا كلُّكُمْ في
الصّوتِ. لكنْ في جهاتِ الموتِ
والأحزانِ والخُسْرانِ وحدي.
           -----------



                          

     مَشْهَـدُ الرّؤيـا

  أرى صُوَراً تبينُ وتختفي.
  أرى امرأةً على طَرَفِ البُحيرةِ تنحني للماءِ،
  في يدِها قطيفةُ نَرجِسٍ وعلى أصابعِها بقايا منْ قشورِ اللّوزِ.
  يعبرُ طائرٌ ويحطُّ عندَ غمامِ وجنتِها وسِربٌ منْ قَطاً يلهو على
  أدواحِ رِقَّتِها ويلعبُ دائخاً في السَّردِ منْ ألطافِها..
 
  وأرى بهاءً
  قد تلألأ منْ مفاتنِهِ البهاءُ.
  كأنَّ فيضاً منْ ضياءٍ قد تَوَهَّجَ أنجُماً.. أو أنَّ ماءً
  ليسَ لي عِلْمٌ بكُنْهِ صفاتِهِ تَمَّتْ فضائلُهُ الّتي في الماءِ.
  فاشتعلَ الشَّذا طَيَّ الشَّذا ينداحُ منْ وجناتِها.

  أرى ما كانَ منْ رَنْدٍ
  توقّدَ في المرايا وهْوَ يعقدُ بعضَ أسرارِ البنفسجِ،
  ثُمَّ يفتقُ عروَةَ العُنّابِ منْ أنفاسِ ضحكتِها وينسى حولَها.
  كأسَ الشّذا تَنْدى..،

  فتندى في التفاتتِها يَدٌ منْ نَعنَعٍ
  ينْوي على تأويلِ ما اختزلَ الحمامُ منَ المشيئةِ
  خلفَ لَجْلَجَةِ البدائعِ والرّوائعِ منْ بديعِ النّورِ في آياتِها.

  أرى امرأةً يخفُّ بها الأريجُ..
  تَفَتَّقَتْ منْ نفحةِ الصَّبَواتِ شقوَتُها..
  تموجُ بموكبِ الرُّؤيا وتنفرُ بغتةً في وَعلِ رغبتِها
  ليشهقَ منْ أصابعِها النّدى ويفكَّ أزرارَ القميصِ..

  أرى بهاءً يشبهُ الدُّرّاقَ في تصريفِ بهجتِهِ،
  نأى عنْ غَفْلَةِ الحرّاسِ يصعدُ للقصيدةِ في مقامِ الوجدِ،
  مشغولاً بما تركَ السُّهادُ على جنائنِ وقتِهِ، وبما أضاعَ ببابلِ.
  النُّعمى منَ النُّعمى على شرفاتِها.

  أرى شمساً تحفُّ ببارقِ الرّؤيا،
  يُداعبُها هواءٌ في المجازِ السَّمْحِ..
  يخطفُ منْ خمائلِها خمائلَهُ، وما قد هاءَ منْ
  خَفَرِ العذارى في تمامِ وضوحِهِ في الماءِ..
  لاحَتْ مباهجُهُ فلاحَ الوردُ منْ وجناتِها.

  أرى امرأةً
  تخيطُ الماءَ أغنيةً،
  وتتبعُ نورَ رعشتِها على مَهَلٍ،
  وتغزلُ منْ رحيقِ الصَّمتِ أحجيةً،
  فتنهبُ في الطّريقِ الصّوتَ أبيضَ،
  قد جَلاهُ الضّوءُ منْ عينَيْنِ ناعسَتَينِ،
  ينهضُ منهما وَعدُ الدّلالِ ودِلِّهِ..
  وكأنَّ ما في الوَعدِ ما في ذاتِها.

  وأرى أرى.
  أرى امرأةً تُضرّجُ في الشّقائقِ لوعةَ الشِّعرِ النّحيلةَ،
  ثُمَّ تُضْرِمُ بابَ هذا اللّيلِ أبهى،لأنعسَ في ضفائرِها وأقطُف 
  منْ بهيجِ الوصفِ رُمّاناً وألْهُوَ في الكنايةِ منْ حدودِ
  الياسمينِ مكلَّلاً بالرّمزِ..،

  أرفلُ في الرَّحيقِ الجَمِّ
  يبدو مُتْرَفاً ينثالُ منْ ألطافِها
  ويحكُّ ليلكةَ الضُّحى ويضجُّ في اللّفتاتِ منْ ألحاظِها
  وكأنَّ ما في الوصفِ منْ لَفَتَاتِها.

  إنّي اسْتَعَرْتُ بلاغةَ الشُّعراءِ
  كيْ أصفَ الجمالَ مُتَوَّجاً بالوردِ.

  واستدعَيْتُ منْ قِرَبِ التَّذَكُّرِ
  بعضَ أسماءِ الكواكبِ. وانتخبتُ لمشهدِ الرُّؤيا
  منَ النَّهَوَنْدِ هنْداً..

  لمْ أكُنْ في واردِ الأسماءِ،
  لكنَّ القصيدةَ تقتضي في فيضِها اللُّغَويِّ
  أنْ أَلِجَ الأسامي..

  كيفَ أُخْلي مشهدَ الرّؤيا
  ونورُ جمالِها في ناظرَيَّ. وكيفَ أنأى
  كلّما اقتربَ البيانُ منَ الحديقةِ..

  كيفَ لا أمضي..
  فأعرى.. ثُمَّ أظمى كاملاً في الماءِ
  يَلْفَحُ صَبْوَتي منْ فَرطِ ما تركتْ على إيوانِها
  في اللُّؤْلُؤِ السِّريِّ منْ مسكوبِ شُقرَتِها،
  لأمتدحَ القصيدةَ ثمّ أدخلُ منزلَ الرّؤيا
  وأبدأُ منْ بهيجِ جهاتِها:

  جِنّيُّ سِحرِكِ، كيفَ فاجأني ودَوَّخَني،
  وكيفَ إذا هطلْتُ على جنائِنِهِ انتشى وأهالَ
  فوقَ سواحلي مطراً لأصعدَ في خبَاءِ جمالِهِ
  وأجوبَ غبطتَهُ وأهبطَ في غيابي.

  جِنّيُّ سِحرِكِ، كيفَ أَوَّلَني
  وشكّلَني على ياقوتِهِ فأضَعتُ عندَ فتونِهِ لغتي
  وأقواسَ الكنايةِ والمجازِ وتهْتُ بينَ حدائقِ المعنى
  وأسرارَ القصيدةِ والكتابِ.
•••
أنا رجل مرتبك .
منذ أن ولدت وأنا أرتبك ، تقول أمّي .
يربكني النور ، فأبكي . ويربكني الظلام ، فأصرخ .
فترتبك أمّي لارتباكي ، ولا تعرف مالّذي تفعله .

تأخّرت في النطق .
ومرّ وقت طويل حتى عثرت على الكلمات .
فأربكني في البداية اسمي ثمّ أربكني ذلك التعريف الهائل
الطويل الذي يلازمني في الطريق ليدلّ على شهرتي
ويفارق ما أنا عليه .

لا اسم لي ،
وأُمّي الّتي تُناديني كلّما رَنَّ في حيطانِ البيتِ
صدى الفراغِ يا أيمن إنّما تفعلُ ذلك ،
كيْ تطمئنّ .

ليس عندي صفحة على الفيس بوك .
وما تقرأه السّابلةُ أو المارّةُ في هذا العالَمِ الأزرقِ
ليس سوى وهمٍ من أوهام الذّاكرةِ الافتراضيّة
الّتي أدمَنَتْها حالة نشطة لرجلٍ
لا يُجيدُ أيّ أمل .

فما من أحد يعرفني
وأنا أحاول ما بوسعي أن أفسّر هذا الفارق الغريب
وأكتب وأبرّر الحياة وأسأل من أين
جاءت لي شهرة اسمي العميمة .

°°
أنا رجلٌ بطيءٌ جدّاً .
وُلدتُ في عامٍ بطيءٍ . واستغرقتُ عمراً كاملاً
كي أخرجَ منه وعندما التفتُّ على النّهارِ
كانَ اللّيلُ قد حلّ .

أقرأ ببطءٍ ،
حتّى أنّي فقدتُ ذاتَ يومٍ عيني اليمنى وأنا أقرأ .
وأكتبُ ببطءٍ ، حتّى أنّي فقدتُ مع الوقتِ وأنا أكتب
 أصابعي .

أقراني ، جميعهم ذهبوا
إلى بيت القصيدة ، هناك . وأنا ، من فرطِ ما أنا فيه
رحتُ أنتظرُ في بابِها الشّقيان ، وحدي .

كلّ قصائدي سببها البطء .

أنا رجلٌ بطيءٌ جِدّاً .
آتي إلى القصيدةِ وتكونُ قد سبقَتْني إلى هناكَ الكلمات .

°°°
أنا رجلٍ مرهق .
بالكاد أتنفّسُ هواءَ العالَمِ ، وبالكاد أسمعُ صوتَ
منْ حولي . وبالكاد، أستطيعُ أنْ أتلمّسَ
طريقي إلى واحةِ ما أريد .

سمائي شاحبةٌ كفاية .
وروحي متّشحةٌ بيخضورٍ كاذبٍ وقلبي تتناقصُ
دقّاتُهُ على نحوٍ فظيع .

رجل مرهق لا تعنيه القيامات .
يجلسُ على الحافة ، هناك ، عند هاويةٍ بعيدةٍ
يحلم ويفكر ويناقشُ في أمرِ الهواء .


🌿

   لا يُشبِهُ الماءَ
   لكنْ في تدفُّقِهِ كالماءِ
   فاضَ بأشواقي،
   وبلَّلَني.

   أومى ليَ
   الشِّعرُ سِرّاً في أجِنَّتِهِ وارتَجَّ
   بي ماؤُهُ غَيْباً،
   وكلَّمَني.

   لولا العناقيدُ،
   في إدلاجِها ثَمَرٌ، ما كانَ لي
   عَطفَةٌ منها، ولم
   يَكُنِ.

   تلكَ الخمورُ،
   خمورٌ بتُّ أحملُها في لُجَّةِ
   النَّوْءِ مِتْلافي،
   ومُمتَحَني.
     --------------

ما فاتَني الضُّوءُ،
لكنْ رَجَّ باصرتي في أوّلِ
الضوءِ ضوء غير،
مُنعقِدِ.

وكانَ،
مثلَ جِماعِ النّورِ.
ضحكتُهُ منَ الملائكِ لم
تُولَد ولمْ،
تَلِدِ.

تَعمى،
عيوني إذا كذّبتُ
خافقةً أو قلتُ غيرَ الّذي
ما بي، قَطَعتُ
يدي.

لو،
كانَ وهماً،
لَما سافرتُ منْ بلدٍ حتّى
وصلتُ إلى ما هاءَ،
في بلدِ.

لكنّهُ النّورُ،،
أسرى في مباهجِهِ واحتلَّني
في خلايا الرّوحِ،
والجسَدِ.

🌿

••• 

تختفي منشوراتي على الفيس بشكل متكرّر وأحياناً تختفي صوري الخاصة . اعتقدتُ في البدايةِ أنّ حسابي مخترَق بطريقة أو بأخرى ورحتُ أراقبُ ذلك بقلق شديد لأكتشفَ في النّهايةِ أنّ منشوراتي الّتي أكتبُها في النّهار أنا من يمحوها في اللّيل لخوفي الدائم من كلّ ما أكتب .

وأمّا عن صوري الخاصّة فقد كنت أحذفها باستمرار لأنّها وفي كلّ مرّة كانت تقول لي دائماً وبكلّ صراحة أنّي وصلتُ إلى هذه المرحلة من العمر .
*
أغلب الّذين يمرّون على صفحتي في الفيس بوك ويقرؤون منشوراتي يضعون إشارة أعجبني أو أحببته أو أدعمه وأحياناً أحزنني أو أغضبني وذلك على مقتضى الحال والمعنى في هذا المنشور أو ذاك ، ثم يمضون .

البارحة ، وضعت إحداهنّ إشارة أحببته ووضعت تعليقاً خفيفاً جميلاً ترك انطباعاً خاصاً عندي ثم مضت . شاعر جميل وضع إعجاباً للمرّة الأولى على صفحتي ثمّ مضى . بعضهم، يقرأ ما أنشره بتؤدة وأناة وصبر ، ويمضي . وبعضهم ، يضع لايكاً هنا أو هنالك دون أن يعرف ما هو الفحوى أو المحتوى ، وبمضي أيضاً .

في الفيس بوك، كما في الحياة تماماً . لا جديد سوى الزرقة البهيجة الممتعة في الافتراض بينما الأسود النبيل يعمم خصوصيته الهائلة على كل شيء من حولنا .
أنا مثلكم أيها الأصدقاء . مثلكم. أضع منشوراً هنا على صفحتي في الفيس بوك صباحاً أو مساء ، ثمّ أمضي .
*
فكرة التخلّي عن الفيس فكرة جميلة .
يعتقد صديقي الرسّام ذلك وقد أشار عليَّ ذات مرّة بأن أقتفي خطاه وأغلق صفختي الشّخصيّة في هذا الفضاء الأزرق الكبير وأتفرّغ لقراءة الكتب وأكتب على ورق أبيض حاف . فكّرت في الأمر وقد صارت تلاحقني الفكرة وتلحّ عليّ بعد أن أقنعتني حياة صديقي المزدحمة بالرسم والألوان والمعجبين . قلت في نفسي : ولم لا . فلأجد لي فسحة ما جميلة أملأ فيها الوقت مثلما يملأ صديقي الرسّام هذا أوقاته وحياته .

ها أنا الآن ليس عندي صفحة على الفيس بوك .
وما تقرأه السّابلةُ أو المارّةُ في هذا العالَمِ الأزرقِ الشّاسعِ ليس سوى وهمٍ من أوهام الذّاكرةِ الافتراضيّة الّتي أدمَنَتْها حالة نشطة لرجلٍ لا يُجيدُ أيّ أمل . أصغي إلى المَروِيّات المدهشة على أكمام الورد عاشقاً تلك المياسم البريّة المذهلة في حقل الشوفان التي لا يلتفت إليها أحد .
*
هكذا ، يشغلني هذا العالم المليء بالمدوّنات والقصائد والنّصوص والكتب والرُّقُم الافتراضيّة كما لو أنّه وهمٌ من أوهام السّاعة .

أبذل ما بوسعي كي ألاحق وهمي وأطارده من مكان إلى مكان ومن موقع إلى موقع ومن حانة إلى حانة ومن مدوّنة إلى مدوّنة وكأنّ الساعة آتية لا ريب فيها .

أقرأ كما لو أنّي أعيش أبداً وأكتب كما لو أنّي أموت غداً . لا أكترث بكلِّ ما هو خارج الكلمات . فالكلمات ، في رأيِ خادمِ الوهم : هي العالَم .

هكذا، ألهثُ وراء الكلمات وأنا أدفعُ عمري من أجل وهمٍ كبير ربّما ، كيْ أقع في النّهايةِ على ثلاث أو أربع جُمَلٍ عنِ الهاوية التي التهمت في الطريق كل شيء .
          -----------------

•••
أنا رجلٌ مهزوم .
رجلٌ تركهُ الانتظارُ على حافةِ الحياةِ ولم يمنحْهُ شيئاً .

حياتي لا تتعدّى الكلمات
وأحياناً أفكّرُ أنْ أضعها على حائطِ الفيسبوك وأمضي
إلى امتحاني الأخير .

رجل مهزوم . بيني وبين هذا العالَمِ سوءُ تفاهم . 
أعيشُ وهمي الخاصّ ولا أستطيعُ تعميمَ
خصوصيّتي على أحد .

•••
أنا رجل حائر .
لا يعنيني الحديثُ عنِ القياماتِ .

القساوسةُ يعرفونَ ذلكَ
وأبناءُ الحلالِ والطّيّبونَ وأشقّائي الغاوونَ مثلي
 
تركتُ ما يُقاربُ
نصفَ دقّاتِ قلبي هناكَ على طرَفِ الشك ولمْ أجد
في لحظةِ تيهٍ مَنْ يبدّد حيرتي

رجل حائر .
وما مَن يُعيد لقواربي المكسّرةِ على شاطئِ الليل
بعضَ هواءٍ يجعلُ منَ المكانِ صالحاً للإقامةِ .

•••
أنا رجل مرتبك .
رجل بطيء وحائر ومهزوم أكتب مثلما يكتب
الشعراء المجانين ولا يسعفني الوقت
كي أفعل مثلما يفعلون .
           -------------------

🌿

   لمّا،
   أَتَمَّ اللّمى عُنّابَهُ،
   المَلِكا.

   وماجَ،
   في لَوْنِهِ الخَمْريِّ،
   واشْتَبَكا.

   وشاهدَ
   الوردَ في خَدَّيْكِ
   مُكتمِلاً

   يُعاقرُ
   الخمرَ منْ عنّابِهِ،
   .. فَشَكا.

   كيفَ،
   الخمورُ أَتَمَّتْ عَقْدَ
   دَوْرَتِها

   حتّى
   اسْتَدارَ الهوى واحتارَ،
   مُرْتَبِكا!!.

   منْ،
   صَبَّ لَيْلَكَها المجنونَ،
   يسألُهُ،:

   هلْ
   قالَكَ اللّيلُ، أمْ ليلٌ،
   تَخَيَّلَكَ؟!.

   أَمَ،
   أَنَّ معجزةً في الأمرِ،
   دَبَّرَها

   شأنٌ
   لديكَ.. وشأنٌ منكَ..
   لي ولَكَ.

   وراوَدَ،
   الكأسَ، في إِدلاجِها
   سببٌ،

   وحينَ
   شَفَّتْ لَهُ.. صلّى لها،
   وبكى.
---------------

بدأتُ شاعراً مقلِّداً أسلوبَ الآلهة.
كان في نيّتي أن أختطفَ العماءَ وأصنعَ منه صلصالاً أباركُ به الحياةَ. إلّا أنّ امرأةً تشبهُ عذراواتِ الينابيع كانت تستحمُّ تحت الظّلالِ الكثيفةِ في ماء النّهر، أربكتْ أبجديّتي.

امرأة بين الأقحوانِ والأقحوانِ.
امرأة من زمنٍ فينيقيٍّ عتيق تتنشَّفُ بملاءاتِ النّورِ على إيقاعِ روحِ الأساطير وتدندنُ بأسماء الآلهةِ وكأنّ في دندناتِها خمرةٌ لم تُرَقْ منذ عهدِ المسيح.

أقمتُ في تمامِ البهجةِ والفرق.
أقرأ في نَصِّ الغابةِ والنهر ما لا تحيطُ به الصّفات أو تدلّ عليه الأسماء واستقمتُ قبالةَ عينيها كإله. كانت بي رغبةٌ أن أكونَ مدّاحَها بينما كنتُ على باب الجلال أُتأتئُ وأنا أتعثّرُ في اللّيلَكِ حينما أخذتني إلى ليلهاِ وعلّمتني بهجةَ الأقاصي ونشوةَ الأعماقِ.

وقبلَ أنْ تندلعَ الفراشاتُ في
حقولِ الضّياءِ علّمتْني فرح النجوم وتقنيّةَ العصفور. امرأة من زمن فينيقي عتيق.
           ------------------

   ومضيتُ،
  داعبَني هواؤُكِ، ثُمَّ شاغَلَني عنِ النّجوى
  وبلَّلَ ياقتي بالحبِّ فانتبهتْ عيوني حينَ شرّدني
  غزالُكِ في البهاءِ السّمحِ يَغمرُني.. ويعبرُ في شِعابي.

  جِنِّيُّ سِحرِكِ، كيفَ فاجأني
  ودَوَّخَني وأسلمني إلى النُّعمى فأرَّقَني
  وضيّعَني وأوقفني على بابينِ منْ ذهبِ الكلامِ..
  أسيرُ .. أمضي.. ثُمَّ أعبرُ دونَ بابِ.
       .____________________

، وهي المليكةُ 

في انْسِكابِ العِطرِ. منزلُها البَهارُ 

وبابُ غرفتِها منَ اللُّبّانِ 

أشقرَ دونَ مزْلاجٍ 


وأُكْرَتُهُ بَخُورٌ 

قد تفلَّتَ عنبراً فإذاهُ 

في إِبَّانِ لفْتَتِها، 

الرَّتاجُ. 


ينثالُ منْ 

مِشْكاةِ دَورقِها وقد 

رَقَّ الزُّجاجُ.


، حتّى إذا فَرَكَتْ 

أناملُها المليكةُ رمشَها 

واستيقظَ الإصباحُ 


خَفَّتْ منْ حوالَيها 

عوائلُ منْ خليطِ المِسكِ حائرةً 

وخُطوتُها يُضَرِّجُها، 

الهِياجُ.


وتحفُّها الأقمارُ 

والشُّهُبُ الكواكبُ والكواعِبُ ماجَ 

بينهما النّسيمُ فلِلملاءاتِ، 

اختلاجُ.


فإذا الأريكةُ هودَجٌ 

ومنمنماتُ رقيمِها حُجُبٌ وإِفضاءٌ 

فغامضُها بِهِ أَوَجٌ وواضحُها لَهُ 

أَرَجٌ ومُدلجُها، انبلاجُ.


وإذا هو الإيوانُ 

محضُ مُفَضَّضٍ ومدبَّجٍ ومُدَملَجٍ 

ويُضيءُ أطلسَهُ، امتزاجُ.


وتطوفُ بين صنوجِهِ 

ودفوفِهِ أحقاقُ وردٍ بانَ أوّلُها 

وآخرُها ارتِجاجُ.

  

وإذا استدارةُ وجهِها 

قمرٌ وعيناها تفكُّهُما هُمَا فهُمَا 

إذاً مُقلٌ دِعَاجُ.  

 

فَيْروزَجٌ في 

شَعرِها الإلماسِ أو في قِرطِها 

النّارنْجِ، عاجُ.  


حتى إذا خلعتْ 

مُفَضَّضَها وفكَّتْ عروَةَ النّهدَيْنِ 

وامتثلتْ تُبدِّلُ في خِلالِ 

الضُّوءِ مِئْزرَها 


تشقَّقَ عنبرٌ 

وأضاءَ في المَيْلَيْن مسْكٌ فاترٌ منْ 

هفْهفاتِ تورُّدِ الأنفاسِ 


فاختلطَ اللَّمى بالوردِ 

ثُمَّ النّهدِ واضطرمتْ نواحيْهِ بما 

يَنْزَرُّ أو يَنْفَكُّ منْ لَعَسٍ 


تقشَّرَ عنْ 

قميصِ النَّومِ أسمرَ في 

جوانبِهِ إذا انطفأََ، 

السِّراجُ.   

                                                                                                                                                                         قرطاسُ كلِّ مليحةٍ 

طَيَّ المضاجعِ صَنْدلٌ، لكنّما، 

قرطاسُها منْ لَيْلَكِ 

الجَفْنَيْنِ، تاجُ. 

- -----------




ستة و عشرون نصا للشاعر السوري أيمن معروف Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 28 أغسطس Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.