رسالة الى تشيخوف ...مروان خورشيد / سوريا
رسالة الى تشيخوف
[ أولئك الذين سيأتون بعدنا بمائة عام أو مائتي عام سوف يحتقروننا ، لأننا عشنا حياتنا بهذه الصورة الحمقاء ، بهذه الفجاجة . و ربما وجد هؤلاء القادمون وسيلة لجعل الإنسان سعيداً ، أما نحن ، ليس لديك أو لديَّ شيء سوى الأمل ] .
هاد الكلام ليس لي طبعاً ، هذا الكلام لأنطون ، الدكتور أنطون تشيخوف قبل 100 سنة و أكتر ، المتوفي يوم ميلادي 15 يوليو لكن سنة 1904 ، و واضح من كلامه أنه كان يقصدنا ، نحن الذين جئنا بعد ( 100 سنة و نيّف ) من حياة تشيخوف .
بالبداية يا تشيخوف لا أحد يحتقرك أنت و رفقاتك بالذات ، جماعة القرن التاسع عشر . الفيسبوك تبعنا مليء بأقوالك و اقوال أصدقائك ..
لكن
يا سيد تشيخوف نحن نعيش حياتنا بصورة أحمق من حياتكم التي تقول عنها كانت حمقاء ، بل نحن يا تشيخوف فيسبوكنا و شعوبه يحنون إلى حياتكم و يتمنون أن تعود أيامكم الحمقاء تلك ..
ربما كما تقول وجدنا الوسيلة التي تجعل حياة الإنسان أسهل و هذا بفضل العلم ، و لكن للأسف لم نقدر على جعله سعيداً ، ليس لأن السعادة وهم كما قال صديقك الألماني الدكتوراه في التشائم أرثرشوبنهاور ، بل لأن الحروب زادت بعد 100 عام و نيّف التي قصدتها أضعاف أضعاف .
أقمنا يا تشيخوف بعد موتك بعشرة سنوات و نيّف الحرب العالمية الأولى و راحت ملايين الأرواح فيها ، ثم أقمنا الثانية و استخدمنا الذري فيه مرتين ، و نحن الأن نخوض الثالثة على زعيق التهديدات باستخدام النووي ، غير الحروب البينية الأصغر ( بين الدول المتجاورة بشكل خاص ) ، و غير حروب الاستقلال ، و الأهم غير حروب الطغاة على شعوبهم .
يا تشيخوف حرب طاغية زمك عسكرياً و مهبول راح فيها أكثر من مليون قتيل من الشعب و الجيش ، و قدهم مرتين جرحى و معتقلين و مغيبين ، و قدهم 5 مرات تهجروا و تشردوا ، و بالاخير جوّع المتبقين و صار يبيعهن الكبتاجون ، مئات المدن وحده دمرها بالبراميل المحشية اكسترا ديناميت ( نترات الأمونيوم 60٪ ) التي اخترعها صديقكم الكيميائي الفريد نوبل و استخدموها في حرب القرم الأولى .. نسيت اقلك هاد الأهبل استخدم كيماوي ضد شعبه ، سارين و زومان و خردل و كلوريكس و سموم شيطانية .... و لعلمك كل الدول ساعدته و بشكل خاص بلدك و دولتك و زعيم المافيا الروسية ، ساعدته على افناء شعبه و تدمير بلده .. هذا إذا كان بلده بالأصل .
يا تشيخوف هذا المجرم الأرعن باع بلده و جعلها ساحة لجولات من الحرب العالمية الثالثة التي تحدث الآن بعد 100 سنة و نيّف التي تتحدث عنها ، الحرب العالمية الثالثة التي تحدث معاركها في كل مكان بالكرة الأرضية ، في جورجيا ، في سوريا ، في اوكرانيا ، في ليبيا ، في اليمن و العراق و في كوردستان ، في بوسنة في أذربيجان و أرمينا و أفغانستان و ايران ، في السودان و نيجر و في دول افريقيا .... في كوريا الشمالية و الجنوبية ، في بحر الصين عند فلبين و فيتنام .... و في أمريكا اللاتينية .. و في كل مكان الحرب المشتعلة .
يا تشيخوف أنا لا أقدر أن أحصى لك كم مائة مليون من البشر ماتوا فيها ، و لا اقدر أن أحصي لك كم مدينة دمرت ، و لا أقدر أحصي كم من الشعوب تشردت و طمسها التاريخ ، و أنت جاي تحكيلي عن السعادة التي لم تعثر عليها و رحت تتأمل فينا أن نعثر عليها .
نحن الآن يا دكتور أنطون في الحضيض على المستوى الأخلاقي ، اخ لو تشوف الإنسان كيف يحتقر الإنسان ..
ما بدي ادخل في تفصيلات كتيرة و اوجع راسك يا تشيخوف ، المهم خاب أملك فينا يا دكتور ، و لا اقدر أن أقول سوى ما قلته أنت في المقدمة مع شوية انزياح بالأزمنة لقدام :
أولئك الذين سيأتون بعدنا ( نحن الذين في سنة 2023 ) بمائة عام ، يعني سنة 2123 أو مائتي عام ، يعني سنة 2223 ، سوف يحتقروننا كثيراً أكثر ، لأننا عشنا حياتنا بهذه الصورة الأكثر حماقة ، و بهذه الفجاجة الفظيعة . و ربما وجد هؤلاء القادمون وسيلة لجعل الإنسان سعيداً ، أما نحن ، ليس لديك أو لديَّ شيء سوى الأمل .
ما بدي اطول عليك ، كن بخير يا تشيخوف و سلام
أخوك الصغير مروان خورشيد
26 اغسطس 2023 في Bremerhaven
ليست هناك تعليقات: