أنا أكرهك يا حبيبي..هيثم الأمين / تونس

 أنا أكرهك يا حبيبي

ــــــــــــــــــــــــــــــــ

أنا لا ألومكَ 

إن أنتَ، يا حبيبي، لم تقبّل خدّي، هذا المساء

ولم تقل لي: أحبّكِ.

أنا لا ألومكَ 

فأنا امرأة سريعة الغضبِ

وسريعة العطبِ؛

امرأة تطير إليكَ

كما تطير العصافير إلى أشجار السّرو، كلّ مساء

وقد أطير إليك

كما تطير أسراب دبابير غاضبة

استفزّها دبّ جائع...

امرأة تذهب إليكَ

كما تذهب ذئبة جائعة إلى الصّيد

وقد تذهب إليكَ

كما تذهب جذور النّخل،

عميقا في التّربة،

نحو الماء...

أنا لا ألومكَ

فأنا امرأة تبصق اسمكَ من بين شفتيها،

في اليوم الواحد عشرات المرّات،

كما تبصق السّم

وكمن يعشق العسل،

دون أيّ حذر،

ألعق اسمك المكتوب على نصل السّكّين... 

وإنّي امرأة

قد تطردك من حضرتها،

من غرفتها، من منزلها

ومن كلّ مدينتها

ثمّ تلحق بك إلى أبعد مدينة

لتنهار، بين ذراعيك، باكية

كطفلة كسر ابن الجيران لعبتها

وتلقي عليك كلّ اللّوم

لأنّك غادرت دون أن تقبّل خدّها

ودون أن تقول لها: "أحبّكِ" !

أنا، يا حبيبي، لا أطيقكَ؛

لا أطيق رائحة سجائرك،

عرقك

وحذائك الرّياضيّ

ولا أحتمل الصّوت الحادّ الذي تصدره و أنت ترتشف قهوتك

كما لا أحتمل سخريتك 

من قصّات شعري،

من أسماء درجات الألوان التي تظنّ أنّي أختلقها من عندي

كأن تتساءل، مستهزئا: سكّري و أبيض؟! 

من ثرثرتي عن دور الشّعر في بناء الانسان،

من الرّوايات التي أقرؤها

ومن بكائي كلّما مات بطل في رواية...

يا حبيبي

خذني إليك

ودسّني بين رائحة سجائرك و رائحة عرقك الخفيف

فأنا حزينة جدّا،

هذا المساء،

لقد مات بطل روايتي وتزوّجت حبيبته

و صَدَقْتَ

حين قلت لي: لا تقصّي شعرك الطويل

فقد حلّ الشّتاء...

خبّئني، يا مدافئ الحبّ، بين رائحة عرقك الخفيف و رائحة سجائرك

فهذه الرائحة تذكّرني بالمقصف البحري

حيث التقينا أوّل مرّة؛

رائحتك التي

قرأت لأجلها آلاف القصائد

ولكنّك، وحدك، كنت قصيدتي المفضّلة...

..

هل أعدّ لك، معي، قهوة؟!

..

تبّا لك.. 

لا تلمسني..

دعني وحدي.. 

أنا أكرهك.. يا حبيبي.



أنا أكرهك يا حبيبي..هيثم الأمين / تونس Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 28 نوفمبر Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.