خِطَابُ الدّيناصورِ الأَخِيرُِ ..حسن المختار بن محمد / المغرب

▪ خِطَابُ الدّيناصورِ الأَخِيرُِ


لا بد أن يجد كل محاصَر مخرجاً

أخبث الخبائث تجد، كل يوم، مخرجاً

لماذا لا يجد الطيبون و الطيباتُ مخرجا ؟


لا بد أن أجد مخرجا على مقاسي

فأنا نحيف جِدّاً

يمكنني النفاذ من سَمِّ الخياط

و سائل جِدّاً

إلى درجة أنه يمكنني التَّسَرُّبُ

من بين أصابعَ محكمةِ الإغلاق

و شديدُ القناعةِ

حتى أنني أرضى الخروجَ

من ثقبٍ في نايٍ بين شَفَتَيْ عاشقٍ محروم

...


ليس شيء أحب إليّ من شيءٍ

فقد تساوت عندي كل الأشياء

و ما من شيء أبغض إليّ من شيءٍ

فقد تَبَغَّضَتْ إليّ كل الأشياء

و في سيرتي تَواتَرَ الحديثُ 

عن اللاشيء نِكايةً

و تَوَتَّرَ الصَّمْتُ عن كل شيءِ كِنايَة


فلا الحديثُ يُسْفِرُ عن بَنَاتِ العقلِ

و لا الصمتُ يَشِي بمَكْنُونِ القلب


هذا ليس من الزهد أو التّصوّفِ

فالأول يكون في المملوكِ

و الثاني كائن بالتّجرّدِ

و لست من المالكِين و لا من الهالكِين

...


الشك وحده، يأكل العقل و القلبَ

يأكل الأول وجبةً أساسيةً

ثم يتناول الثانِيَ تحليةً

و لا يتجشأ و لا يغسل يديهِ

ينتظر كأسَ شايٍ من روحٍ تغلي

تساعده على الهضمِ كي ينامَ قريرَ العين

...


كل سؤال لا جواب له يُؤَوَّلُ لصالح المُتَّهَمِ

و هل يشك أحد في براءة الشّكِّ

من تهمةِ التهام العقول و الأفئدةِ ؟

و شبهةِ التَّرَبُّصِ بالأرواحِ ؟

رغم أن تَوَرُّطَهُ بادٍ من تحت إِبْطِه !!!


آآآهٍ، لقد تَأَبَّطَنا الشَّكُّ شَرّاً

أو تَأَبَّطْنَاهُ... سِيّان

...


الأسماءُ مُغايِرَةٌ للأفعالِ 

في اللغة كما في الواقعِ 

تماما كالأمراضِ 

أعراضها متشابهةٌ

و تختلف التشخيصات و الأدوية

في من العيبُ ؟ في الأبدان أم في الأطباء !!!

...


في النهاية، رفع كل الأعلامِ 

ذلك المحاصَرُ في النّصِّ

الأبيضَ و الأسودَ و الأصفرَ و الأحمرَ

ولكن الطيور لم تعد تخشى الفزّاعاتِ

و لا السّبّاحين يعيرون اهتماما لحال البحرِ

يبدو أنه يرفع أعلامه في مَكَبِّ متلاشياتٍ

حيث لا مطمع لطير و لا لسبّاح

...


من المهم جدا أن تحسن اختيار مع من تتعاملُ

قال . أجابهُ : هذا حين تتعدد أمامك الخياراتُ

أما إذا انعدمت تماماً

فأنت في راحة بالٍ تُحسد عليها

...


في السادسة و الخمسين ألف عامٍ

ما زال يحلم بامتلاك بيتِ

شِعْر . ديناصورٌ مستسلمٌ تماماً

لعجز لا يوصفُ

لا تشخيص لهُ 

لا هو من أعراض الأبدانِ

و لا هو من إعراض الإنسانِ

ربما كان عَرَضا غير زائلٍ 

أو مرضا لا يدخل في قائمة المُعَوَّضِ عليها

عاجزٌ عن اختيار نهايةٍ (نيودِرْتاليّةٍ)

تُلْحٍقُهُ بأسلافه المُقَدَّسَةِ هياكِلُهُمُ العظميّةُ

تحت الأرض و في المتاحف الدولية

و لا حتى نهايةٍ لهذا النصِّ

العاجزِ عن البوحِ بسِرِّ عجزِ صاحبه المزمن

...

الموت مطلق و الحياة نسبية

فالحياة تضع لكل حِينٍ بداية و نهاية

أما الموت فوحده يمنح للحِينِ أبديّته

لهذا نستمر في طرح السؤال : 

و ماذا بعد ؟

حتى يطوينا المطلقُ في أبديّةٍ

لا يُطرح فيها ذاك السؤالُ

العُضال

...

لو كنت ديناصورا، لما حملت هم الأبدية

الديناصورات ستتحول إلى تراب

فيغبطها الجن و الإنس

هذا إن وجدت الديناصورات أصلا

على هذه الأرض


                               ح-خ  (المختار)



خِطَابُ الدّيناصورِ الأَخِيرُِ ..حسن المختار بن محمد / المغرب Reviewed by مجلة نصوص إنسانية on 28 يناير Rating: 5

ليست هناك تعليقات:

نموذج الاتصال

الاسم

بريد إلكتروني *

رسالة *

يتم التشغيل بواسطة Blogger.